الملحق الأول: ولاة مكة بعد الفاسي مؤلف "شفاء الغرام"
ولاة مكة بعد الفاسي مؤلف "شفاء الغرام"
1:
قال العلامة المؤرخ ابن ظهيرة القرشي المخزومي المكي في كتابه "الجامع
~~اللطيف في أخبار مكة المشرفة والبيت الشريف"2 ما تلخيصه:
واستمر السيد بركات بعد موت الفاسي المؤرخ على ولاية مكة إلى أثناء سنة
~~خمس وأربعين وثمانمائة فعزل عن ذلك.
ثم وليها أخوه السيد علي بن حسن وكان بالقاهرة فوصل مكة يوم السبت مستهل
~~شعبان واستمر متوليا إلى رابع شوال سنة ست وأربعين وثمانمائة3، وقبض عليه
~~وعلى أخيه السيد إبراهيم.
ثم وليها أخوه أبو القاسم بن حسن وقدم من مصر متوليا، فدخل مكة في يوم
~~السبت السابع والعشرين من ذي القعدة سنة ست وأربعين وثمانمائة واستمر
~~متوليا إلى أوائل سنة خمسين فعزل.
ثم أعيد السيد بركات إلى ولاية مكة ودامت ولايته إلى أن مرض وترعك بدنه؛
~~وذلك في سنة تسع وخمسين "بتقديم التاء المثناة الفوقية" وثمانمائة فسأل
~~نائب جدة الأمير جاني بك الظاهر بأن يرسل إلى السلطان يسألة ولاية عمرة مكة
~~لولده السيد محمد عوضا
Bogga 359
عن أبيه فأجاب السلطان ذلك، وقبل وصول الخبر توفي السيد بركات في عصر يوم
~~الاثنين تاسع عشر شعبان سنة تسع وخمسين بأرض خالد بوادي مر وحمل على أعناق
~~الرجال إلى مكة ودفن بها في صبح يوم الثلاثاء لعشرين من شعبان؛ فلما كان
~~عصر ذلك اليوم المذكور وصل قاصد من الديار المصرية بمرسوم للسيد محمد مؤرخا
~~بسادس عشر رجب، ومضمونه ولاية مكة للسيد محمد عوضا عن والده حسب ما سأل
~~نائب جدة، وكان السيد محمد خارجا عن مكة فدعى له على زمزم بعد المغرب من
~~ليلة الأربعاء حادي عشر شعبان، ثم وصل السيد محمد مكة ليلة الجمعة سابع
~~رمضان فقرئ موسمه في صبحها ثم لما كان رابع شوال من السنة المذكورة وصل إلى
~~السيد محمد كتاب من السلطنة بالعزاء في والده وتوقيع باستمراره مؤرخا بشهر
~~رمضان واستمر السيد محمد على ولاية مكة ودانت له البلاد وأطاعت له العباد
~~لكونه أظهر العدل والإحسان والرأفة على الرعية والالتفات في أمور المسلمين
~~وعدم الغفلة عن ذلك؛ فبسبب ذلك طالت مدته وحمدت سيرته وطابت سريرته فكانت
~~مدة ولايته ثلاثا وأربعين سنة ونصفا إلا أربعة أيام مع مشاركة والده السيد
~~بركات على عوائدهم، ثم انتقل إلى رحمة الله تعالى في الحادي والعشرين من
~~محرم الحرام سنة ثلاث وتسعمائة بوادي الأبيار وحمل إلى مكة ووقف بها1.
ثم وليها من بعده ولده السيد بركات بن محمد بركات من قبل الملك الناصر
~~محمد بن قايتباي في رابع شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وتسعمائة واستمر على
~~ولايتها إلى أن كان موسم سنة ست وتسعمائة.
ووليها أخوه السيد هزاع بن محمد بعد محاربة وقعت بينه وبين أخيه السابق
~~السيد بركات بالموسم المذكور بمحل يقال له وادي الحجون2 بمر الظهران وانهزم
~~السيد بركات ودخل السيد هزاع مكة وحج بالناس سنة ثم خرج منها بعد انقضاء
~~الموسم إلى ينبع3 خوفا من أخيه بركات لقلة عسكره؛ فعاد السيد بركات إلى مكة
~~واستمر بها إلى جمادى الثانية سنة سبع بتقديم السين وتسعمائة فوصل السيد
~~هزاع من ينبع بعسكر عظيم
Bogga 360
وتحارب هو وأخوه السد بركات محاربة ثانية بمحل يقال له: "طرف البرقا"1
~~فانهزم السيد بركات؛ فوليها السيد هزاع ثانيا واستمر إلى خامس عشر من رجب
~~ثم توفي إلى رحمة الله.
ثم عاد السيد بركات إلى مكة واستمرت الفتن والشرور بينه وبين أخيه السيد
~~أحمد جازان وتحاربا مرارا، وكان ابتداء ذلك من أواخر ذي الحجة سنة سبع
~~وتسعمائة إلى أن كان يوم السبت الخامس والعشرون من شوال سنة ثمان وتسعمائة
~~فوصل السيد جازان بعسكر كبير من ينبع من بني إبراهيم وغيرهم ووقع الحرب
~~بينه وبين أخيه السيد بركات فانهزم السيد بركات.
ثم وليها السيد أحمد جازان ودخل مكة في يوم السبت المذكور ونهب عسكره مكة
~~وفعلوا أفعالا قبيحة وانتهكوا حرمة البيت وجرى منهم على مكة وأهلها أمورا
~~شنيعة ليس هذا محل ذكرها ولا نحن بصددها، واستمر السيد جازان بمكة إلى آخر
~~ذي القعدة من السنة المذكورة فبلغه وصول التجريدة من قبل السلطان الغوري2
~~بقيادة الأمير الكبير المعروف: بقتب الرجبي "بالجيم ثم الموحدة" بسبب ما
~~فعله السيد جازان من نحو مكة ونهب الحاج الشامي والمصري فخرج من مكة هاربا،
~~وهذا الشريف أحمد جازان المذكور هو جد أشراف مكة.
ثم عاد إلى مكة السيد بركات فواجه أمير التجريدة وقبض عليه، ثم حج وتوجه
~~بعد ذلك إلى القاهرة من طريق ينبع في أوائل سنة تسع وسبعمائة، ثم عاد السيد
~~جازان إلى مكة واستمر بها إلى يوم الجمعة عاشر رجب من السنة المذكورة فقتله
~~الأتراك الشراكسة بالمطاف.
ثم وليها بعده أخوه السيد حميضة بن محمد واستمر إلى أواخر محرم أو أوائل
~~صفر من سنة عشر وتسعمائة فعزل.
ثم وليها أخوه السيد قايتباي بن محمد بإشارة أخيه السيد بركات، وقد أمكنه
~~الله بالفرار إلى مكة من مصر ولم يشعر به الغوري إلا بعد يومين؛ فأرسل خلفه
~~فلم يلحقه، واستمر قايتباي متوليا موافقا لأخيه بركات مستضيئا برأيه إلى أن
~~توفي إلى رحمة الله يوم الأحد الحادي والعشرين من صفر عام ثمان عشرة
~~وتسعمائة بأرض حسان بوادي مر، فحمل إلى مكة فدفن بها، وهذا الشريف قايتباي
~~جد أشراف مكة.
ثم استولى السيد بركات بعد موته على مكة إلى شهر شعبان من هذه السنة
~~بمفرده.
Bogga 361
ثم أرسل السلطان الغوري يطلب الشريف بركات إلى مصر، فاعتذر، وأرسل ولده
~~الشريف محمد أبا نمي بن بركات إلى الديار المصرية فوصلها1 فقابل السلطان
~~قانصوه فأكرمه وعظمه وأنعم عليه بإمرة مكة، ثم عاد إليها شريكا لأبيه وعمره
~~يومئذ سبع سنوات وبضعة شهور2 وكان وصوله إلى مكة في أواخر ذي القعدة الحرام
~~بين يدي الحاج من السنة المذكورة، واستمر كذلك إلى أن كان عام ثلاث وعشرين
~~وتسعمائة فاستولى السلطان سليم خان من آل عثمان على الديار الشامية
~~والمصرية والحرمين الشريفين وجهز؛ فأصدر إلى مكة3 للسيد بركات وابنه السيد
~~أبي نمي باستمرارها في إمرة مكة، فتجهز حينئذ السيد أبو نمي، وسافر إلى
~~القاهرة وقابل السلطان سليما4 المذكور بمصر فأكرمه واحترمه وأقره هو ووالده
~~على إمرة مكة، ثم عاد إلى مكة واستمر شريكا لوالده إلى أن أذن الله بوفاة
~~والده السيد بركات في أثناء ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من ذي القعدة
~~الحرام عام إحدى وثلاثين وتسعمائة5 وله من العمر إحدى وسبعون سنة.
ثم ولي بها بعده السيد محمد أبو نمي بمفرده ولقب بنجم الدين، ووصلت إليه
~~الأحكام السلطانية السليمانية بولاية إمرة مكة في أواخر عام اثنين وثلاثين
~~وتسعمائة فاطمأنت به الخواطر وقرت به النواظر واستمر منفردا بالولاية إلى
~~عام ست وأربعين وتسعمائة.
ثم وليها ابنه السيد أحمد شريكا لوالده في هذا العام بعد وصوله إلى
~~الديار الرومية ومقابلته للإمام الأعظم والخاقان المكرم الملك المظفر
~~السلطان سليمان خان؛ فقوبل بالإكرام والرعاية والاحترام، وعاد إلى مكة في
~~أول ربيع الأول عام سبع وأربعين وتسعمائة واستمر شريكا لوالده الشريف أبي
~~نمي إلى عام خمسين وتسعمائة.
واستمر الشريف أحمد بن أبي نمي إلى رجب سنة إحدى وستين وتسعمائة شريكا
~~لوالده، وانتقل إلى رحمة الله ودفن بالمعلاة، وهو الشريف أحمد وهو جد ذوي
~~حراز وذوي قنديل من أشراف مكة، والله أعلم.
ثم أقام الشريف أبو نمي ولده الثاني الشريف حسن وعرض ذلك على الأبواب
~~السلطانية السليمانية ففوض إليه الأمر، واستمر والده مشاركا له في الدعاء
~~إلى أن مات
Bogga 362
في المحرم سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة بتقديم التاء فيهما، فاستقل ولده
~~الشريف حسن بالأمور، وهذا الشريف حسن هو جد ذوي حسن من الأشراف.
ثم في أوائل عام سنة تسع بعد الألف عرض الشريف حسن لأكبر أولاده أن
~~يشاركه في الأمر؛ فوصل الأمر الشريف السلطاني في آخر السنة المذكورة بأن
~~يكون أول أولاده الشريف أبو طالب بن حسن مشاركا لوالده، ودعى لهما واستمر
~~مشاركا لوالده إلى أن قضى الله على والده الشريف حسن فتوفي في ثالث جمادى
~~الآخرة سنة عشرة وألف في محل يسمى فاعية، بينه وبين مكة نحو سبعة أيام
~~بالجمال، وحمل إلى مكة ودفن بالمعلاة.
واستقل بالأمر الشريف أبو طالب المذكور استقلالا تاما إلى أن توفي في
~~العشرين من جمادى الآخرة سنة اثنتي عشرة وألف بمحل يقال له: العشبة بنواحي
~~بيشة فغسل هناك وكفن وقصد به مكة ودفن بالمعلاة بعد الصلاة عليه حسب
~~العادة، وهو يزار وينذر له النذور، وتحمي ساداتنا بنو حسن من التجأ إلى
~~قبره ولا ينال من استجار به مكروه.
ثم اجتمع الأشراف جميعهم فاختاروا الشريف إدريس بن حسن بن أبي نمي أخا
~~المذكور وصدروه في جميع الأمور وأشركوا معه في الدعاء الشريف: محسن بن حسين
~~بن حسن بن أبي نمي، والشريف فهيد بن حسين، وكتبوا بذلك إلى أبواب السلطنة
~~العثمانية إلى الروم، ثم وصل المكتوب واستمروا كذلك إلى آخر شهر ربيع الآخر
~~من سنة تسع عشرة وألف؛ فدخل الشريف محسن بن حسين بن حسن من اليمن بأمر من
~~الشريف إدريس وقد كان الشريف محسن خرج إلى اليمن مغاضبا للشريف إدريس في
~~سنة خمس عشرة وألف، ثم أخرجوا الشريف فهيدا من الديار المكية ورفعوا يده
~~عما كان يستلمه من غلة الأقطار الحجازية فذهب إلى الروم ومات سنة إحدى
~~وعشرين وألف، واستوى على ذلك كله الشريف إدريس، ثم إنه جعل ما كان للشريف
~~فهيد من الربع لابن أخيه الشريف محسن بن حسين بن حسن، واستمر كذلك إلى أن
~~حصل التنافر بين الشريف محسن وعمه الشريف إدريس؛ فعند ذلك اجتمع أهل الحل
~~والعقد من بني عمه فرفعوا الشريف إدريس وفوضوا الأمر إلى الشريف محسن في
~~يوم الخميس رابع محرم سنة أربع وثلاثين، وألف حصل بسبب ذلك القتال، وركب
~~الشريف أحمد بن عبد المطلب بن حسن ومعه خيل ونادى في البلاد السابق ذكره،
~~ثم خرج الشريف إدريس ليلة عيد المولد متوجها إلى الشريف مريضا فتوفي في
~~جمادى الأخرى من سنته؛ ثم عرض على الأبواب السلطانية ما وقع فجاء التأييد
~~في رابع عشر رمضان من العام المذكور للشريف محسن.
Bogga 363
ولم يزل الشريف محسن منفردا بمراده قامعا لأضداده آمنا في سربه عزيزا في
~~حزبه إلى أن دخلت سنة سبع وثلاثين وألف وحصل القتال فيما بينه وبين الشريف
~~أحمد بن عبد المطلب بن حسن؛ فدخل الشريف أحمد مكة وخرج الشريف محسن إلى
~~اليمن بعد عزله في يوم الأحد سابع عشر رمضان من السنة المذكورة، واستمر
~~هناك إلى أن توفي سادس رمضان المعظم بظاهر صنعاء اليمن سنة ألف وثمان
~~وثلاثين وعمره أربع وخمسون سنة، فحمل إلى صنعاء ودفن بها وبنى عليه قبة
~~تزار.
واستمر الشريف أحمد متغلبا على مكة إلى أن قتله قانصوه أمير الحج المصري
~~في سنة تسع بتقديم التاء وثلاثين وألف.
وولي الشريف مسعود بن إدريس إمرة مكة ونودي له في البلاد واستمرار إلى أن
~~توفي في ثاني عشرين من ربيع الثاني سنة أربعين وألف؛ فاتفق الأشراف على
~~تولية عمه الشريف عبد الله بن حسن بن أبي نمي وإليه ينسب العبادلة جميعا،
~~وعرضوا ذلك على الأبواب السلطانية العثمانية فجاءت المراسم بتأييده وفي
~~أيامه كان إتمام عمارة البيت المعظم في أيام سلطنة الخاقان الأعظم السلطان
~~مراد خان، وهذه هي العمارة الموجودة إلى وقتنا هذا، ثم في يوم الجمعة غرة
~~صفر سنة إحدى وأربعين وألف خلع نفسه تعففا وديانة، وقلد إمرة مكة لولده
~~الشريف محمد بن عبد الله بن حسن وابن أخيه الشريف زيد بن محسن بن حسين بن
~~حسن وإليه ينسب أمراء مكة ذوي زيد، وكان الشريف عبد الله قد أرسل إليه
~~يطلبه من اليمن؛ لكونه بغي هناك بعد وفاة والده الشريف محسن؛ فوفد إليه
~~فأشركه مع ولده الشريف محمد، وتجرد حينئذ الشريف عبد الله عن إمرة مكة
~~للعبادة إلا أنه كان يدعى له على المنبر معهما إلى أن توفي بالمنحني في
~~بستان خياير بيك ليلة الجمعة عاشر جمادى الآخرة من السنة المذكورة أي سنة
~~1041 وصلى عليه ودفن بالمعلاة عند والده الشريف حسن.
وأعقب جملة من الذكور وهم محمد وأحمد وحمود وحسين وهاشم وثقبة وزامل
~~ومبارك زين العادين، ولهؤلاء أعقاب معروفون بمكة واليمن والحجاز يقال لهم
~~العبادلة.
ثم استمر الأميران على ولاية مكة وجاءهما التأييد من السلطنة العثمانية
~~المرادية، ثم قتل الشريف محمد بن عبد الله بن في وقعة الجلالبة وهي وقعة
~~البغاة من جند قانصوه قدموا من اليمن في سنته ووصلوا السعدية واقتتلوا
~~بأسفل مكة عند فوز المكامسة؛ فاستشهد الشريف محمد المذكور في يوم الأربعاء
~~خامس عشر من شعبان، فوصلوا به مكة عصر ذلك اليوم وغسلوه ودفنوه بعد أن صلوا
~~عليه.
ثم دخلت الأتراك مكة ومعهم الشريف نامي بن عبد الملك بن حسن، فنودي له
~~بالبلاد بعد أن ولاه قانصوه وأشركوا مع الشريف عبد العزيز بن إدريس في ربع
~~مكة ولم
Bogga 364
يشركه في الدعاء، وخرج الشريف زيد إلى بدر، وأرسل الشر يف علي بن هيازع
~~إلى الأبواب السلطانية الشريفة يخبرها بوقعة الجلالبة، ثم توجه هو إلى
~~المدينة النبوية فجاءه هناك قفطانان ولبسهما في حجرة جده -صلى الله عليه
~~وسلم- وتوجه إلى ينبع فواجه العسكر وسار معهم إلى أن وصل الجموم وبلغ خبرهم
~~إلى صاحب مكة الشريف نامي السابق؛ فخرج هو وأخوه الشريف عبد العزيز لأربع
~~من ذي الحجة من سنته وتوجهوا إلى تربة، وتوجه الشريف عبد العزيز إلى ينبع
~~وكان بمكة الشريف أحمد بن قتادة بن ثقبة بن مهنا فنادى في البلاد للسلطان،
~~وأرسل للشريف زيد وأخبره بخلو البلاد؛ ففي سنته من ذي الحجة دخل الشريف زيد
~~مكة ومعه الصناجق الأربعة المرسلة من السلطنة والعسكر، ونزل بدار السعادة
~~فنودي له في البلاد وحج بالناس في سنته، ثم بعد قضاء المناسك توجه إلى تربة
~~لمحاصرة المذكورين؛ فحاصرهم وهجم بالعسكر على الحصن ودخوله في سنة اثنتين
~~وأربعين وألف ليلة الجمعة حادي عشر من محرم، وأمسكوا الشريف نامي وأخاه ثم
~~رجعوا إلى مكة واستفتوا العلماء بقتلهما فأفتوا بذلك فشنقوا يوم الخميس
~~ثاني عشر من محرم، وكان مدة الشريف نامي على عدد حروف اسمه مائة يوم، وبقي
~~زيد حاكما على مكة إلى أن توفي يوم الثلاثاء في صبحه ثامن محرم أو ثالثه
~~سنة سبع وسبعين وألف ومدته خمس وثلاثون سنة، وكانت ولادته بعد مضي درجتين
~~من شروق شمس يوم الاثنين سبع عشرة شعبان من سنة تسع عشرة وألف ببلدة بيشة
~~وكان رديفه الشريف حمود بن عبد الله بن حسن جد الحمودية من العبادلة؛ فكان
~~يرى أنه الأحق بولاية مكة، فاستحسن عمار أفندي سنجق جدة وشيخ الحرم المكي
~~تولية الشريف سعد بن زيد المذكور وحصلت هناك رجة شديدة لمنازعة الشريف حمود
~~وكان يطلبها لنفسه، وكان له أتباع نحو أربعمائة من بني عمه وعبيده وغيرهم
~~وللشريف سعد المذكور أضعاف ذلك، وتأخر تأمير الشريف سعد بن زيد بسبب
~~المنازعة المذكورة إلى بعد الزوال وكان إذ ذاك بمكة المشرفة جماعة من أكابر
~~الأتراك والأروام فاتفق رأيهم على تولية الشريف بعد المذكور فذهبوا لبيته،
~~وخلعوا عليه وهنوه وعزوه في والده على أنهم يرسلون إلى السلطان محمد خان في
~~ذلك، ثم إنه جلس للتهنئة، وأرسل إلى حاكم الطائف، وكان إذ ذاك بمكة وأمره
~~أن يطلع إلى الطائف من ليلته وكان أهلها في شدة عظيمة فحصل لهم السرور
~~واطمأنوا بقدومه.
وأما ما كان من طرق الحجاز؛ فقد وقع فيها النهب واشتد فيها فلما كان يوم
~~الخميس حصل بمكة اضطراب كبير من مشاجرة وقعت بين الشريف سعد والشريف حمود،
~~ووقع بينهم رمي البندق ومع ذلك لم يحصل فيهم ضرر والحمد لله، ووقع لذلك
~~اضطراب الطائف حتى إن الخطيب امتنع من الخطبة بها لشهرة ذلك عندهم وتخيل
~~عدم صحة التولية، وإن ذلك ناشئ عنه، وقد وقع بين بعض القبائل قتال ولم يزل
~~الناس بعد
Bogga 365
ذلك في قيل وقال إلى اليوم الثالث عشر من توليته فوقع الاتفاق بينهم
~~وزينوا لذلك مكة حسب عادتهم ثلاث ليالي واطمأنت القلوب وراقت الأفكار ودام
~~السرور وزالت الأحزان، والناس مستبشرون بتوليته؛ غير أنه لم تأته الخلعة
~~السلطانية إلا بعد مضي ستة أشهر وهذه هي الولاية الأولى له؛ فلما أهل شهر
~~رجب وقع في رابعه بين جماعة الشريف سعد وجماعة الشريف حمواد النزاع مرة
~~أخرى واشتد الأمر وتجمعت القبائل والعساكر وتراموا بالبندق، ومات نحو أربعة
~~رجال اثنان منهم خطأ، ودام ذلك بينهم ليلتين ويوما وبعض يوم، ثم وقع الصلح
~~ونودي بالأمن والحمد لله إلى صبيحة اليوم السادس والعشرين من رجب ؛ فجاء
~~التأييد والخلع السلطانية بإمارة مكة للشريف سعد المذكور فحصل بها غاية
~~السرور ونودي بالزينة سبع ليال وأعطى عسكره في ذلك اليوم ألفي دينار وخلع
~~على كثير من خدامه، واستمر الأم إلى شهر ذي القعدة فحصل أيضا بين الشريف
~~سعد والشريف حمود تنافر وكلام من جهة المعلوم وخرج لذلك من مكة؛ فلما كان
~~الثالث والعشرون من الشهر المذكور أرسل خدامه إلى الطرقات ينتهبون ما يجدون
~~فبالغوا في ذلك وجمعوا أموالا كثيرة من القوافل وغيرهم؛ حتى إنهم أخذوا
~~فرسا لبعض خدام الشريف وأرسل لهم عند ذلك عسكرا فلم يجدوهم، واستمر أمرهم
~~كذلك إلى زمن الحج فلم يقع منهم أذية للحجاج؛ غير أن أهل مكة وقراها والعرب
~~لم يحج منهم إلا القليل، وبعد انقضاء الحج طلبوه للصلح وحضر القاضي فلم يقع
~~الصلح وذكر أنه متوجه إلى مصر وخرج مع الأمير المصري إلى بدر فتخلف فيها،
~~ثم انتقل إلى ينبع، ووقع لبعض أولاد الشريف زيد تنافر مع أخيرهم الشريف سعد
~~والتحقوا بالسيد حمود وفعلوا مثل فعله من النهب وغيره، وجهز الشريف إليهم
~~فلم يظفر بهم بل ببعض أموالهم ووقع من الشريف حمود أمور مشتهرة قيدها غير
~~واحد من المؤرخين.
وفي هذه المدة تكاثرت الفتن والغلاء والسرقة والحرائق وسقوط النجوم وظهر
~~عمود في السماء لم يظهر مثله وكثر الفناء والمرض وكسفت الشمس، وقد كان توجه
~~الشريف سعد إلى ينبع مع الحج المصري وخلف أخاه الشريف أحمد بن زيد على مكة؛
~~فأقامه الله سبحانه وتعالى أحسن قيام ووجد الطعام ثم توجه هو إلى نواحي
~~المبعوث وأقام مقامه الشريف بشير بن سليمان في صفر من سنة ألف وتسع وسبعين،
~~انتهى ما وجدته مذيلا على نسخة المؤرخ العلامة ابن ظهيرة الموجودة بمصر
~~بالأزهر الأنور برواق الأروام بخط كاتب ذلك التاريخ، وتم نسخ النسخة
~~المذكورة في يوم الأحد الحاديث عشر من ذي القعدة الحرام من سنة ألف ومائة
~~وتسع وثلاثين من هجرته -صلى الله عليه وسلم.
ثم رجع الشريف سعد إلى مكة في يوم الثلاثاء ثاني عشر ذي القعدة من ينبع
~~واستمر إلى سنة ثلاث وثمانين وألف وكان في هذه السنة أمير الحج حسين باشا
~~فحصل التنافر في يوم الحادي عشر من ذي الحجة بمنى بين الشريف سعد وبين
~~الباشا، وكان في
Bogga 366
ذلك اليوم ترد الخلع السلطانية والمرسوم المتضمن بقاء الولاية والوصاية
~~على الرعية والحجاج وتأخير أمين الصرة بذلك عن وقته المعهود وتعدى الحدود؛
~~فحينئذ أرسل الشريف سعد في طلبه فوجده عند الباشا المذكور وبعثوا يطلبونه
~~من عندهم للبسه وكان مرادهم اقتناصه من أبناء جنسه؛ فأرسل يعرفهم أن
~~القواعد جرت بأن يأتيهم به إليه فمنعوه وشحوا به عليه؛ فعلم الشريف القضية
~~وأيقن أنه لا بد من القتال فترك ذلك حرمة للزمان والمكان ورأى أن القتال في
~~هذا الشهر الشريف مما يضر بأهل التعريف وارتحل هو وأخوه الشريف أحمد ليلة
~~الاثنين الثالث عشر من ذي الحجة المذكور إلى الطائف ثم إلى تربة ثم إلى
~~بيشة ثم سار منها إلى بلاد عديدة إلى أن اجتماعا ووصل الديار الرومية وقابل
~~الدولة العلية وبقيا هناك؛ فلما أصبح الناس يوم الثاني عشر منه شاع بين
~~الناس ارتحال الشريف سعد وأخيه أحمد فاجتمع حسين باشا وأمين الصرة في بيت
~~الشيخ محمد بن سليمان بمنى واستدعوا جماعة من الأشراف منهم الشريف بركات بن
~~محمد بن إبراهيم بن بركات بن أبي نمي فأظهر الباشا أمرا سلطانيا بتولية
~~المذكور فألبسوه خلعة الولاية، ثم إنه نزل من منى في موكب عظيم إلى مكة
~~وجلس كهيئته في دار أبيه المعروفة به واستمر في ولاية مكة عشر سنين وعدة
~~أيام إلى أن توفي ليلة الخميس في التاسع والعشرين من ربيع الثاني سنة ثلاث
~~وتسعين وألف، ودفن بجوار الشيخ النسفي بوصاية منه، وقد ترجمه العلامة
~~المحبي في تاريخ "خلاصة الأثر".
فولي مكة بعده ابنه الشريف سعد بن بركات وألبسه قاضي مكة خلعة الاستمرار
~~بموجب الأمر السلطاني الذي بيده المتضمن كونه ولي عهد أبيه بعد يوم وفاة
~~أبيه، ولم ينازعه أحد في ذلك، ثم ورد التأييد السلطاني بذلك أيضا وبقي إلى
~~سنة خمس وتسعين وألف.
فولي بعده السلطان إمارة مكة للشريف أحمد بن زيد من الأستانة؛ لكونه كان
~~موجودا هناك وسار إليها كما تقدم مع أخيه الشريف سعد، ثم دخل هو مكة في
~~سابع ذي الحجة من سنة خمس وتسعين وألف، وتوجه الشريف سعيد بن بركات إلى مصر
~~وتوفي بها، استمر الشريف أحمد إلى سنة تسع وتسعين "بتقديم التاء فيهما"
~~وألف وتوفي يوم الخميس ثاني عشر جمادى الأولى من العام المذكور.
فولي مكة الشريف سعيد بن سعد بن زيد وهي المرة الأولى من إمارته؛ حتى ورد
~~الشريف أحمد بن غالب مكة ومعه أمر سلطاني بإمارة مكة له في ثاني شوال من
~~السنة المذكورة وجلس للتهنئة وحصل التنافر بينه وبين الأشراف فنودي بالطائف
~~وحده للشريف محسن بن حسين بن زيد فدخل مكة وخرج الشريف أحمد بن غالب بعد
~~عشرين يوما منها، وجلس للتهنئة يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من رجب سنة
~~ألف ومائة
Bogga 367
وواحد وجاءه التأييد السلطاني؛ فبقي مدة حتى صار الاختلاف فيما بين
~~الأشراف في سنة ثلاث بعد المائة والألف إلى أن نزل عن ولاية مكة للشريف
~~مساعد بن سعد جد ذوي مساعد من آل زيد.
ونزل هو للشريف سعيد بن سعد السابق جد ذوي سعيد بن ذوي زيد بحضرة القاضي
~~فسجل ذلك، وبعث القاضي الشريف سعيد قفطانا من السلطان فلبسه وجلس للتهنئة
~~يوم الأحد سابع محرم سنة ثلاث ومائة وألف، وهذه هي الولاية الثانية للشريف
~~سعيد، ثم أرسلوا الخبر إلى أبواب السلطنة بذلك فولت والده الشريف سعد ذلك،
~~وهذه هي الولاية الثانية له وكان حينئذ عندهم كما تقدم، ولم تزل الأخبار
~~تتوارد بمجيء الشريف سعد إلا أن دخل مكة مع الحج في ذي الحجة من العام وجلس
~~في دار للتهنئة، ثم بعد مدة في أواخر سنة خمس ومائة وألف عزل عنها لمنافرة
~~حصلت بينه وبين محمد باشا صاحب جدة.
فولي إمارة مكة الشريف عبد الله بن هاشم بن محمد بن عبد المطلب بن حسن بن
~~أبي نمي وخرج الشريف سعد إلى القنفذة .
ثم رجع الشريف أحمد بن غالب مكة وواجه أميرها الشريف عبد الله بن هاشم،
~~ثم وصل الخير إلى الشريف بالقنفذة، وورد مكة فحصل القتال بينه وبين جماعة
~~الشريف عبد الله بن هاشم الأمير والشريف أحمد بن غالب.
فغلب الشريف أسعد على مكة ودخلها وارتحل الشريف عبد الله والشريف أحمد
~~إلى الرنى فاجتمع الأشراف وقالوا إن الفتنة لا تسكن إلا إذا نودي في البلاد
~~للشريف سعد فحينئذ تم الأمر له وجلس في داره للتهنئة، وكانت مدة تولية
~~الشريف عبد الله أربعة أشهر، وهذه هي الولاية الثالثة للشريف سعد، ثم وصل
~~الخبر بذلك إلى الأبواب الخاقانية والسلطنة العثمانية؛ فأرسل حينئذ السلطان
~~مصطفى خان التأييد للشريف سعد.
وإلى هنا تم تاريخ العلامة المؤرخ السنجاري1 المسمى "منائح الكرم في
~~أخبار مكة وولاة الحرم".
واستمر الشريف سعد في ولايته هذه مطمئنا إلى سنة ثلاث عشرة ومائة وألف؛
~~فاستحسن أن يعرض للدولة إقامة ولده الشريف سعيد مقامه في ولاية مكة وينزل
~~عنها فأجيب إلى ذلك، وهيه هي الولاية الثالثة للشريف سعيد السابق ذكره،
~~وبقي فيها إلى أن حصل التنافر فيما بينه وبين الأشراف وامتدت الولاية إلى
~~سنة ست عشرة ومائة، وحصل
Bogga 368
بينهما القتال إلى أن خرج الشريف سعيد بن المغرب من أعلى مكة في ليلة
~~الحادي والعشرين من شهر ربيع الأول من العام المذكور.
ثم دخلت الأشراف مكة ورئيسهم الشريف عبد المحسن بن أحمد بن زيد فنودي في
~~البلاد له بحكم سليمان باشا بعد عزل الشريف سعيد؛ فجلس في دار السعادة
~~للتنهئة وبقي تسعة أيام.
ثم نزل عنها للشريف عبد الكريم بن محمد بن يعلى بن حمزة بن مغامس بن
~~بركات بن أبي نمي جد ذوي عبد الكريم من آل بركات؛ فقبلها برضاء الأشراف
~~جميعا وجلس في داره للتنهئة وهذه هي الولاية الأولى له.
ثم وقع فيما بين قائم مقام الشريف عبد الكريم بمكة وبين الشريف سعد
~~النزاع وحصل القتال فيما بينهما؛ فغلب عليه فنودي في البلاد للشريف سعد
~~المذكور سادس شوال من سنة ست عشرة ومائة وألف، وكان أمير مكة -إذ ذاك-
~~غائبا باليمن ودخل الشريف سعد مكل وأرسل له الباشا قفطانا، وهذه هي الولاية
~~الرابع للشريف سعد بن زيد وأقام فيها ثمانية عشر يوما، وسببه أن الشريف عبد
~~الكريم ورد الحسينية1 قافلا من اليمن ومعه بنو عمه وقبائل عتبة وحرب وقاتل
~~الشريف سعدا إلى أن انهزم؛ فدخل الشريف عبد الكريم مكة وفي صحبته الشريف
~~عبد المحسن، ونودي في شوارع مكة للشريف عبد الكريم، وهذه هي الولاية
~~الثانية له واطمأنت البلاد وخرج الشريف سعد إلى العابدية، وتوفي هناك يوم
~~الأحد خامس ذي القعدة من سنة ست عشرة ومائة وألف، ودفن بقبة الشريف أبي
~~طالب عند قبر والده الشريف زيد.
ثم ورد الأمر الشاهاني بتولية الشريف سعيد بن سعد من الدولة العلية؛ فدخل
~~مكة بعده في اليوم السابع من ذي الحجة ونودي له في البلاد، وهذه هي الولاية
~~الرابعة للشريف سعيد؛ فحج من سنته وذهبت القوافل حسب عادتها وأهل محرم سنة
~~سبع عشرة ومائة وألف.
ثم كان يوم الاثنين ثامن عشر من رجب ورد مكة خبر أغا السلطان وصحبته
~~الأمر السلطاني بتولية مكة للشريف عبد الكريم بن محمد بن يعلى السابق، ثم
~~وصل الأغا جده ونودي له بها؛ فلما كان يوم الثلاثاء سادس شعبان دخل الشريف
~~عبد الكريم مكة، وهذه هي الولاية الثالثة له وجلس للتنهئة في داره وبقي إلى
~~سنة ثلاث وعشرين ومائة ألف.
وفي يوم الثلاثاء السابع والعشرين من رجب أو شوال من السنة المذكورة وردت
~~الأخبار من المدينة النبوية بأن السلطنة أمرت بتوجيه ولاية مكة للشريف سعيد
~~وورد إليهم
Bogga 369
صورة الأمر الوارد فدخل الشريف سعيد ثامن عشر من ذي القعدة ونودي له في
~~البلاد وجلس للتنهئة، وهذه هي الولاية الخامسة للشريف سعيد المذكور، واستمر
~~فيها إلى أن توفي في الحاديث والعشرين من المحرم سنة تسع وعشرين ومائة
~~وألف.
ثم تولى بعده ولده الشريف عبد الله بن سعيد وبقي إلى سنة ثلاثين ومائة
~~وألف في ست وعشرين من جمادى الأولى وطلب الشريف علي بن سعيد فأعطاه ولاية
~~مكة، وكتبوا إلى الدولة باستحسان ذلك فجاءته المراسيم السلطانية في شوال من
~~سنته، ثم عدن ورود باشتة المحمل طلبت الأشراف أن يولوا الشريف يحيى بن
~~بركات ويعزلوا الشريف الحالي فوافقهم على ذلك؛ فألبس الباشا الشريف يحيى بن
~~بركات خلعة الولاية، وهذه هي الولاية الأولى له؛ وذلك في اليوم السادس من
~~ذي الحجة من سنة ثلاثين ومائة وألف ودخل مكة وخرج الشريف علي بن سعيد منها،
~~واستمر الشريف يحيى إلى أن عزل عنها بالشريف مبارك بن أحمد بن زيد من سنة
~~اثنتين وثلاثين ومائة وألف، فدخل مكة بعد القتال مع الشريف يحيى ونودي
~~للشريف مبارك في شوارع مكة وجلس للتنهئة، وهذه هي الولاية الأولى للشريف
~~مبارك، ولم يزل في إمارة مكة إلى ست من ذي الحجة من سنة أربع وثلاثين ومائة
~~وألف؛ فانتزعها منه الشريف يحيى بن بركات السابق ذكره بولاية من السلطنة
~~الشريفة، وكان قد توجه هذا الشريف إلى دار السلطنة حتى اجتمع بالسلطان أحمد
~~خان بن محمد بن إبراهيم خان العثماني؛ فولاه ذلك وأرسله مع أمير المحمل
~~الشامي هو ووالي جدة أيضا فدخلوا مكة في ست من ذي الحجة ونودي له في
~~البلاد، وهذه هي الولاية الثانية للشريف بركات في ذي الحجة في سبع وعشرين
~~منه من سنة خمس وثلاثين ومائة وألف، ثم حصل القتال فيما بينه وبين الشريف
~~مبارك بن أحمد بن زيد المار ذكره في ثاني عشر من المحرم الحرام من سنة ست
~~وثلاثين ومائة وألف؛ فانهزم الشريف بركات بن يحيى بن بركات ودخل مكة الشريف
~~مبارك بن أحمد ونودي له وعم الأمن من كل الجهات، وهذه هي الولاية الثانية
~~له.
فلما كان خامس عشر جمادى الآخرة عزل عنها وتولى بأمر السلطان الشريف عبد
~~الله بن سعيد ولاية مكة، وهذه هي الولاية الثانية له وكان ذلك في التاريخ
~~المذكور، ثم بقي إلى أن توفي خامس عشر ذي القعدة من سنة ثلاث وأربعين ومائة
~~وألف، فتولى، ولده محمد ذلك بعد أن نودي له ودعي من اليمن وكان حين وفاة
~~والده بها؛ فوصل مكة في تسع وعشرين من ذي القعدة الحرام من العام المذكور
~~وألبس الخلعة ونودي له في البلاد وعلى المنبر دعي له وكان عمره عشرين سنة،
~~واستمر إلى أن حصل النزاع والقتال فيما بينه وبين الشريف مسعود بن سعيد
~~عمه؛ إلى أن انهز الشريف محمد بن عبد الله بن سعيد فدخل الشريف مسعود مكة
~~في سابع جمادى الأولى من سنة خمس وأربعين ومائة
Bogga 370
وألف ونودي له في شوارع مكة، وهذه هي الولاية الأولى للشريف مسعود، ثم
~~ارتحل الشريف محمد بن عبد الله بن سعيد اليمني، ثم رجع إلى الطائف فارتحل
~~إليه الأمير الشريف مسعود وحصل القتال فيما بينهما فانهزم الشريف مسعود
~~واستقل الشريف محمد بن عبد الله بكرسي الولاية وتوجه إلى مكة، وهذه هي
~~الولاية الثانية له في السنة المذكورة، وبقي إلى أن أقبل الشريف مسعود بن
~~سعيد مكة بجماعة معه فتقاتلا صبح اليوم السابع من رمضان من سنة ست وأربعين
~~ومائة وألف؛ فانهزم الشريف محمد بن عبد الله بن سعد ودخل الشريف مسعود عمه
~~مكة ونزل في داره وجلس للتنهئة، وهذه هي الولاية الثانية للشريف مسعود كما
~~رأيت ذلك بخط العلامة المؤرخ عبد الرحمن بن عبد الكريم الأنصاري المدني في
~~هامش تاريخ ابن ظهيرة المسمى "بالجامع اللطيف في أخبار مكة المشرفة وولاتها
~~والبيت الشريف"، واستمر الناس في ولايته مطمئنين فتوفي في يوم الجمعة
~~الثاني من ربيع الثاني من سنة خمس وستين ومائة وألف.
وتولى بعده الشريف مساعد بن سعيد ونودي له في البلاد وعرفوا بذلك الدولة
~~العليلة؛ فجاءه التأييد في ست وعشرين من شعبان وألبس الخلعة بالحطيم؛ كما
~~رأيت بخط بعض الأماثل المعاصرين للشريف المذكور.
ثم استمر وانقادت له الأمور إلى سنة إحدى وسبعين ومائة وألف فحصل التنافر
~~بينه وبين الأشراف فبسببه قبض على الأمير الشريف مساعد المذكور، وتولى أخوه
~~الشريف جعفر بن سعيد إمارة مكة وألبس القفطان في السنة المذكورة.
ثم بعد توجه الحجاج والقوافل نزل الشريف جعفر بالإمارة لأخيه الشريف
~~مساعد المذكورة؛ وذلك في اليوم الرابع عشر من المحرم الحرام من سنة اثنتين
~~وسبعين ومائة وألف وبقي هو في ذلك إلا أن توفي يوم الأربعاء لثلاث بقين من
~~شهر المحرم الحرام من سنة أربع وثمانين ومائة وألف ... فبعد وفاته ولي
~~إمارة مكة أخوه الشريف عبد الله بن سعيد.
فألبسه قاضي الشرع الشريف ونودي له في البلاد، ثم نزل عنها لأخيه الشريف
~~أحمد بن سعيد وبقي أياما ثم في يوم الجمعة الثامن عشر من ربيع الأول من
~~العام المذكور وصل مكة أبو الذهب محمد بيك من مصر؛ فعزل الشريف أحمد بن
~~سعيد، وجلس على كرسي الولاية والإمارة الشريف عبد الله بن حسين بن يحيى بن
~~بركات بن محمد بن بركات بن أبي نمي، وحسين والد هذا الأمير ينسب إليه ذوو
~~حسين من الأشراف وسكن بدار آبائه المسماة بدار الهنا بباب الوداع ونودي
~~باسمه في البلاد، وتوجه الشريف أحمد بن سعيد السابق إلى اليمن، ثم جاء إلى
~~مكة لأخذ الثأر من الشريف عبد الله بن حسن السابق الأمير ومعه من العربان
~~جمع غفير فحصل بينهما القتال
Bogga 371
فانهزم الشريف عبد الله بن حسين، ودخل مكة الشريف أحمد بن سعيد في الثاني
~~عشر من جمادى الثانية من السنة المذكورة سنة 1184ه أربع وثمانين ومائة
~~وألف، وبقي إلى أن حصل النزاع فيما بين الشريف أحمد بن سعيد الأمير وبين
~~ابن أخيه الشريف سرور بن مساعد بن سعيد بن مسعد بن زيد يوم السبت ثلاثة عشر
~~من ذي القعدة من سنة 1186ه ست وثمانين ومائة وألف، وأدى إلى القتال؛ فانهزم
~~الشريف أحمد ودخل مكة المشرفة الشريف سرور بن مساعد يوم السبت ثالث عشر من
~~ذي القعدة من السنة المذكورة، ونودي له في شوارع مكة، وأمنت البلاد، ثم حصل
~~القتال الشديد مرارا وفي كل مكان انهزم عمه الشريف أحمد، وفي الوقعة
~~الخامسة عشر من جمادى الأولى من سنة 1193ه ثلاث وتسعين ومائة وألف قبض
~~الشريف سرور على عمه وعلى ولديه وأمر بحبسهم بينبع، ثم نقلوا إلى جدة وما
~~زالوا بها حتى توفي أحد ولديه، ثم توفي الشريف أحمد بن سعيد في السجن أيضا
~~في عشرين من ربيع الثاني من سنة 1195ه خمس وتسعين ومائة وألف وأطلق حينئذ
~~ابنه الأحسن وجاء جد كاتب النسخة، وجاء مع التذييل الشيخ حبيب الله لأجل
~~أداء فريضة الحج من بلاد الهند في سنة 1200ه مائتين وألف، ثم بعد فراغه من
~~الزيارة النبوية عاد إلى بلده دلهي بالهند وعاش ممتعا بحواسه بين أقرانه
~~إلى أن توفي سنة 1245ه خمس وأربعين ومائتين وألف.
وخلف عمي الشيخ عبد النبي ووالد الشيخ عبد الوهاب وعمر الأول أربعون سنة
~~ووالدي -إذ ذاك- ينيف عمره على عشر سنين، والله أعلم .
ولم يزل الشريف سرور في إمارة مكة إلى سنة اثنتين بعد المائتين والألف
~~حتى توفي في اليوم الثامن عشر من شهر ربيع الثاني من العام المذكور.
وتولى إمارة مكة أخوه الشريف عبد المعين بن مساعد، ونودي له بذلك وبقي
~~أياما، ثم نزل عنها لأخيه الشريف غالب بن مساعد بن سعيد بن مسعد بن زيد جد
~~ذوي غالب وجاءته الخلعة السلطانية في التاسع والعشرين من ذي القعدة من
~~العام المذكور، وقد حصل في أيامه الحركة الإصلاحية الوهابية المنسوبة إلى
~~الإمام محمد بن عبد الوهاب النجدي ودام القتال معه مدة المواسم، ذكرها
~~شيخنا العلامة المرحوم برحمة الملك المنام السيد أحمد بن زيني بن دحلان في
~~تاريخ "خلاصة الكلام في تاريخ أمراء بلد الله الحرام"، ثم صفا الوقت
~~والزمان للشريف غالب المذكور إلى أن وصل محمد علي باشا جد العائلة الخديوية
~~بمصر مكة المشرفة. واحتفل به الشريف غالب احتفالا تاما غير أن الباشا
~~المذكور كان مأمورا من طرف الدولة العثمانية بالقبض على الشريف غالب الأمير
~~وإرساله إلى الآستانة العلية فصار متحيرا في هذا الأمر لتحفظ الشريف غالبا
~~أمير مكة على نفسه؛ حتى تشاور مع الشيخ أحمد تركي في ذلك الأمر، فدبر له
~~تدبيرا حسنا،
Bogga 372
حتى تم له الأمر في أواخر ذي القعدة الحرام من سنة 1228ه ثمان وعشرين
~~ومائتين وألف، وقد صار الاستحسان بأن تكون إمارة مكة لابن أخيه الشريف يحيى
~~بن سرور بن مساعد؛ فطلبوه فمضى فألبسه محمد علي باشا فروا سموريا، وأركبوه
~~في هيئة على فرس وأوصلوه إلى داره بقرب باب الوداع فجلس للتنهئة؛ ثم إن
~~الشريف غالب أنزل إلى جدة وتوجه به إلى الآستانة، ثم أرسل إلى سلانيك ونفى
~~بها إلى أن توفي في سنة 1235ه خمس وثلاثين ومائتين وألف وقبره بها يزار.
واستمرت الإمارة للشريف يحيى مدة أعوام إلى أن دخلت سنة 1240ه أربعين
~~ومائتين وألف، وفي ليلة الثاني من شعبان من العام المذكور صار قتل الشريف،
~~وفي عام 1242ه حصل نزاع بين الشريف يحيى والأمير التركي أحمد باشا وخصوم
~~الشريف من يحيى إلى مصر؛ حينئذ تأهب للسفر؛ فلما خرج ووصل بدرا صام رمضان
~~فجاءته مشايخ حرب وهم عربان سكنوا بين الحرمين فوعدوه بالإعانة، ومكث هناك
~~إلى تمام السنة فهلت سنة ثلاث وأربعين ومائتين فأخذ في الشروع في جمع
~~القبائل؛ فوصل الخبر إلى مكة بذلك، وكان أحمد باشا قد أنهى الأمر إلى مصر
~~لدولة محمد علي بابا فأبطأ عليه في الجواب فاستحسن أن يولي مكة أحدا من
~~الأشراف صورة؛ فوليها الشريف عبد المطلب بن غالب ليجمع جموعا يقابل بها
~~الشريف يحيى المذكور وذلك في أثناء سنة اثنتين وأربعين ومائتين وألف. وهذه
~~هي الولاية الأولى للشريف عبد المطلب المذكور؛ وحينئذ نودي باسمه في
~~البلاد. وبعد دخول سنة ثلاث وأربعين ومائتين وألف جاءت البشائر من مصر بأن
~~محمد علي باشا استحسن أن تكون الإمارة للشريف محمد بن عبد المعين بن عوف بن
~~حسين بن عبد الله بن حسن بن أبي نمي، وكان -إذ ذاك- بمصر وهو جد أمراء مكة
~~ذوي عون.
وأما الشريف يحيى فذهب من بلاد الحرمين إلى المدينة المنورة وزار قبر جده
~~-صلى الله عليه وسلم- وتوجه بعد حين إلى مصر فوصلها واجتمع بالشريف محمد بن
~~عبد المعين بن عوف المتولي المذكور وبقي هناك إلى أن توفي بها.
ثم أرسل محمد علي باشا صاحب مصر الشريف محمدا المذكور مع جموع وعسكر عظيم
~~إلى مكة فوصل جدة؛ ثم في اليوم الثاني من جمادى الأولى من العام المذكور أي
~~عام ثلاث وأربعين ومائتين وألف، فدخل مكة بدون قتال لتوجه الشريف عبد
~~المطلب بن غالب إلى الطائف، وجلس الشريف محمد بن عبد المعين بن عون في
~~اليوم المذكور في دار الشريف يحيى بن سرور عند باب الوداع للتنهئة، ثم توجه
~~إلى الطائف لقتال الشريف عبد المطلب فلم يقع ذلك، وحصل الصلح وكان ذلك في
~~شهر
Bogga 373
رجب الحرم من السنة المذكورة، وتوجه الشريف عبد المطلب بن غالب ومعه أخوه
~~الشريف بن غالب إلى الآستانة برا فوصلها وتولى ثانيا كما سيأتي إن شاء
~~الله ، ثم استقامت للشريف محمد بن عبد المعين الأمير الأمور على أحسن حال
~~وانتظمت أحكامه بلا معارض على أتم نظام.
وفي سنة خمس وستين ومائتين وألف توفي بمصر محمد علي باشا، ثم استمر الحال
~~مطمئنا للشريف محمد بن عبد المعين بن عون إلى أن دخلت سنة سبع وستين
~~ومائتين وألف ونزل من الطائف وفي صحبته ولده الشريف عبد الله والشريف علي
~~فحضروا عند عبد العزيز باشا الشهير بأنه باشا، وكان ذلك في رجب من العام
~~المذكور؛ فأبرزا أمرا مضمونه حضورهما مع والدهما إلى الآستانة دار السلطنة،
~~فتوجهوا وأقاموا حينئذ الشريف المنصور بن يحيى بن سرور وكيلا قائم مقام
~~أمير مكة، ثم وجهت الدولة الإمارة للشريف عبد المطلب بن غالب في رمضان من
~~السنة المذكورة، وكان إذ ذاك بالآستانة عندهم، وهذه هي الولاية الثانية له،
~~ثم وصل مكة في ذل القعدة من العام المذكور وجلس في داره بالقرارة للتنهئة،
~~وبقي إلى سنة اثنتين وسبعين ومائتين وألف، فعزل وتوجه إلى دار السلطنة في
~~شوال من سنة ثلاث وسبعين ومائتين وألف.
فولت الدولة العلية إمارة مكة للشريف محمد بن عبد المعين بن عون وكان إذ
~~ذاك بالآستانة كما تقدم، فهذه هي الولاية الثانية له وجاء الخبر بوصوله إلى
~~جدة في ثاني شعبان ومعه ابنه الشريف علي باشا فقط، ثم بعد يومين وصلا مكة
~~وجلس الشريف محمد بن المعين بن عون للتنهئة في داره العامرة بسوق الليل،
~~وبقي فيها إلى سنة أربع وسبعين ومائتين وألف وتوفي في الثالث عشر من شعبان
~~المبارك من العام المذكور، ودفن بقبة السيدة آمنة والدة النبي -صلى الله
~~عليه وسلم- بالمعلاة.
فلما بلغ الخبر إلى السلطنة بوفاته وجهت الدولة إمارة مكة إلى ابنه
~~الشريف عبد الله باشا في رمضان وكان إذ ذاك بالآستانة، وتركه والده كما
~~تقدم وأقيم مقامه أخوه الشريف علي باشا بن محمد بن عبد المعين بن العون
~~بمكة إلى حين مجيئه، ثم توجه الشريف عبد الله المتولي بعد قضاء حوائجه في
~~ربيع الأول من سنة خمس وسبعين ومائتين وألف من الآستانة، ودخل مكة في موكب
~~عظيم وجلس في دار والده للتنهئة، ودامت له الأمور في أحسن نظام إلى وفاته
~~في اليوم الرابع عشر من جمادى الآخرة من سنة أربعين وتسعين ومائتين وألف
~~بالطائف، ودفن بقبة الحبر ابن عباس.
فأقام تقي الدين باشا والي وجدة وشيخ الحرم المكي أخاه الشريف عون الرفيق
~~باشا دليلا بمقام الإمارة وكان أخوة الأكبر الشريف حسين باشا بالآستانة؛
~~فوجهت الدولة
Bogga 374
الإمارة له؛ فقدم مكة في شعبان من السنة المذكورة وتوجه الشريف عون
~~الفريق إلى الآستانة في شوال من سنته، واستمر الشريف حسين في إمارة مكة إلى
~~سنة سبع وتسعين "بتقدم السين في الأولى والتاء المثناة الفوقية في الثانية"
~~ومائتين والألف ... وفيها توجه إلى جدة في أوائل ربيع الثاني، وفي دخوله
~~جدة طعن بسكين مسمومة ودفن في قبر والده بقبة السيدة آمنة والدة النبي -صلى
~~الله عليه وسلم- بالمعلاة.
فلما وصل الخبر إلى الآستانة بوفاة الشريف حسين وجهت الدولة إمارة مكة
~~للشريف عبد المطلب بن غالب، وكان إذ ذاك في الآستانة، وهذه هي الإمارة
~~الثالثة له، ثم وصل مكة ودخلها في الحادي عشر من جمادى الثانية من العام
~~المذكور وجلس للتنهئة في داره بالقرارة، واستمر الحال له بأحسن طريق إلى
~~عشرين من شعبان من سنة تسع وتسعين ومائتين وألف حصل بينه وبين ولاة جدة
~~ومكة الاختلاف، ثم جاء الخبر من السلطنة بأنها ولت عثمان نوري باشا ولاية
~~الحجاز عبد المطلب الأمير؛ إذ أحاطت العسكر بداره الذي بالمثناة وأخبروه
~~بأنه معزول ونودي في البلاد للسلطان، وأنزلوه من داره إلى قشلاق العسكرية
~~للحكومة بالطائف، وأرسل الخبر إلى الدولة بذلك فتوجهت إمارة مكة للشريف عون
~~الرفيق باشا، وكان إذ ذاك بالآستانة، ثم وصل الخبر بذلك إلى مكة وكان عثمان
~~باشا قد أقام أخاه الشريف عبد الإله باشا نائبا عنه.
ثم توجه الشريف عون المتولي من دار السلطنة ووصل إلى جدة في ثامن يوم
~~التروية من سنته، ووصل إلى مكة يوم عيد النحر وتوجه إلى منى في موكب عظيم
~~في عصره وقرئ فرمانه ثاني يوم على حسب عادة الأمراء، ثم بعد انقضاء أيام
~~منى نزل إلى مكة ومشت القوافل والحجيج وأهلت سنة ثلاثمائة وألف، وتوجه في
~~شهر ربيع الأول من العام المذكور أخوه الشريف عبد الإله باشا إلى الآستانة،
~~ولم يزل الشريف عون في إمارة مكة منتظما، وتوفي في جمادى الأولى من سنة
~~أربع وعشرين وثلاثمائة وألف بالطائف بداره رغدان، ودفن بقبة الحبر ابن عباس
~~على أخيه الشريف عبد الله باشا، ونودي في البلاد باسم ولي النعم سيدنا
~~الشريف علي باشا بن عبد الله باشا بن محمد بن عبد المعين بن محمد بن عبد
~~الله بن حسين بن عبد الله بن حسن بن أبي نمي، ثم أرسل الخبر إلى الحجاز
~~وشيخ الحرم أحمد راتب باشا بوفاة الشريف عون الرفيق، ووجهت الدولة إمارة
~~مكة أصالة لولي النعم المتلقي لها باليدين السامي إليها من ذروة الشرف صاحب
~~الدولة والسيادة والشرف سيدنا الشيخ شريف علي باشا السابق ذكره وهنؤوه
~~بذلك، ثم نزل إلى مكة في شعبان من العام المذكور؛ فانتظمت له الأمور على
~~أحسن منوال بدون معارض له ولا منازع، وقد امتدح
Bogga 375
بقصيدة غراء في عيد الفطر من مطلعها1:
وفد الربيع بحلة خضراء ... فكسى الرياض ملابس الهيفاء
... إلى آخرها.
وبقي فيها إلى أن انفصل عن ذلك في شوال من سنة سبع وعشرين وثملاثمائة
~~وألف، وجاء الخبر من الآستانة بتولية إمارة مكة لعمه الشريف عبد الإله
~~باشا، وكان إذ ذاك باقيا بدار السلطنة وبقي فيها أياما وتوفي هناك من عامه،
~~ثم وصل الخبر بتولية الشريف حسين باشا بن علي باشا بن محمد بن عبد المعين
~~بن عون إمارة مكة لكونه إذ ذاك كان بالآستانة، وأقيم أخوه الشريف ناصر باشا
~~نائبا عنه، ثم وصل في ذي القعدة إلى جدة، وفي ثاني يوم منه دخل مكة في
~~موكبه وجلس في بيت جده للتنهئة، ثم توجهت القافلة حسب عادتها وحج هو في
~~سنته، ثم في شعبان من سنة ثمان وعشرين وثملاثمائة وألف توجه أخوه الشريف
~~ناصر باشا إلى دار السلطنة وهو باق بها معززا مكرما، وتوجه ابن عمه في هذه
~~السنة الشريف علي باشا، ولم يزل الشريف حسين باشا بن علي باشا بن محمد بن
~~عبد المعين بن عون يلي إمرة مكة من 6 شوال عام 1326ه، ثم أعلن نفسه ملكا
~~على الحجاز.
وقد دخل الملك عبد العزيز مكة في 7 من جمادى الآولى سنة 1343ه، وسلم له
~~الملك حسين حكم الحجاز في أوائل جمادى الثانية عام 1344ه، وصار خالد بن لؤي
~~حاكم مكة من قبله، وهو أحد قواد جيش الملك عبد العزيز ومن أقربائه، ثم
~~اختير سمو الأمير فصيل نائبا عن والده الملك عبد العزيز في حكم مكة
~~والمدينة وباقي الحجاز.
وتوفي الملك عبد العزيز في 2 ربيع الأول 1373ه "9 نوفمبر 1953"، وتولي
~~ولي العهد جلالة الملك سعود حكم المملكة العربية السعودية في الخامس من
~~ربيع الأول 1373ه، وكان قد بويع بولاية العهد قبل ذلك بأمد طويل في 16 محرم
~~1352ه، وميلاده في ليلة الثالث من شوال عام 1319ه.
وقد عين حضرة صاحب السمو الأمير فيصل رئيسا لمجلس الوزراء في 6 من ذي
~~الحجة 1373ه، وصار حضرة صاحب الجلالة الملك سعود هو حامي حمى الحرمين وباقي
~~مدن الحجاز وهو حاكم مكة المكرمة2.
Bogga 376