Jiritaanka Diineed
الوجودية الدينية: دراسة في فلسفة باول تيليش
Noocyada
يقول تيليش: «حين قدمت الفلسفة الوجودية إلى ألمانيا، توصلت أنا إلى فهم جديد للعلاقة بين اللاهوت والفلسفة.»
1
هذه العبارة توضح بجلاء كيف أصبحت الوجودية بمثابة حجر الزاوية والعمود الفقري لفكر تيليش الذي رآها تطرح تساؤلات جذرية عميقة، لا توجد إجاباتها إلا في الإيمان باللاهوت، وأصبح تيليش من أقدر المعبرين عن الوجودية المؤمنة والدينية، كأنه يواصل مسارها الشرعي، كما بدأت مع سرن كيركجور - أقوى المؤثرين عليه، والذي يشترك معه في العناية بالمغزى الديني للموقف الإنساني، وفي تأكيد أن التساؤلات الدينية لا يمكن إثارتها بصورة ملائمة إلا من حيث هي متأصلة بالموقف الإنساني - أي أن كيركجور وتيليش يشتركان معا في العناية بدينية الوجودية، وكرس تيليش لهذا كتابه «شجاعة الكينونة»؛ وأيضا يشتركان في تأكيد وجودية الدين، وكرس تيليش لهذا الجزء الثاني من كتابه «اللاهوت النسقي». على أن تيليش أكثر من رائده كيركجور ارتباطا بتاريخ ونصوص ومؤسسات الديانة المسيحية؛ فهو دونا عنه لاهوتي محترف رسميا، وهو بلا شك أكثر الوجوديين طرا تأثيرا وانتشارا في العالم المتحدث بالإنجليزية، والذي لم يكن مرعى خصيبا من مراعي الوجودية التي تفجرت فقط في قلب القارة الأوروبية، خصوصا في غربها.
ويحدد لنا تيليش ثلاثة فلاسفة، أحبهم وعايش فكرهم بعمق، فمثلوا أساسا انطلق منه تحمسه الشديد للفلسفة الوجودية، وهم شلنج وكيركجور ونيتشه. وهو لم يقرأ نيتشه إلا بعد أن بلغ سن الثلاثين، ومع هذا كان ذا تأثير ضخم عليه، وكثيرا ما يستشهد بأقواله ويجعلها محورا للنقاش؛ وجد تيليش في نيتشه وجوديا عظيما، ومن أهم الوجوديين «إذ يكشف عن شجاعة أن ينعم النظر لهاوية العدم، في تفرده الكامل الذي تقبل رسالة موت الله .»
2
وتحمس بشدة ل «فلسفة الحياة» معه؛ حيث الحياة في هذا المصطلح هي العملية التي تحقق بها قوة الوجود ذاتها، ورآها ضرورية لمرحلة ما بعد الحرب، وكرد فعل للموت والجوع في سنواتها ساد بعدها التفكير التواق لتأكيد الوجود، والذي جعل تأكيد نيتشه للحياة شديد الجاذبية؛ ثم يقول تيليش: «لما كان هذا التأكيد النيتشوي للحياة يعود من ناحية ما إلى جذور في فلسفة شلنج ، فقد كنت على استعداد لتقبله.»
3
وشلنج كما ذكرنا هو الوثن الفلسفي لتيليش، وإذا كان المعتمد أنه رائد المثالية الذاتية، فإن تيليش يصر على أن شلنج بهذا الرائد الحقيقي للوجودية، والذي سار في ركابه كيركجور؛ وذلك لأنه أول من قاد الهجوم الوجودي على «فلسفة الماهية» لصديقه هيجل، والتي هي قمة الفلسفة التي تلغي الاتجاه الوجودي، وسماها «فلسفة سلبية»؛ لأنها تتجرد من الوجود الحقيقي، وجعل «الفلسفة الإيجابية» هي فلسفة الفرد الذي يمر بالخبرة ويفكر ويقرر من داخل موقفه التاريخي، ليس فحسب بل أيضا كان شلنج هو أول من أهاب بمصطلح الوجود
Existenz
ليناقض فلسفة الماهية، وكان هذا في سلسلة محاضرات عن فلسفة الأسطورة، ألقاها شلنج خلال شتاء 1841-1842م في جامعة برلين، وأمام مستمعين مميزين: كيركجور وإنجلز وباكونين؛ فانفجر المصطلح في الأجواء الألمانية خلال العقد الخامس من القرن الماضي حتى احتوته الكانتية،
Bog aan la aqoon