Weelka Marmarka
الوعاء المرمري
Noocyada
فقال في نغمة عتاب: لا تخلقي من ذلك الماضي أوهاما تعذبك، وأسدلي عليها الستر الذي أسدلته عليها السنوات.
فقالت في شيء يشبه الحنق: هيهات! هيهات أن يدعني ذلك الماضي وإن حاولت أن أدعه؛ فذلك الستار الذي تسدله الأيام ما هو إلا الوهم الذي نخدع به أنفسنا، ذلك الماضي مستقر بأعماقي لا يفارقني، دعني أكشف عنه كأنك كاهن في المحراب أكشف له عن مكنون سري. ماذا قلت؟ أأقول كأنك كاهن؟ وهل آمنت بشيء من هذا الدين الذي ألحقني به أبرهة؟ لا تحمل لي ضغنا يا ولدي إذا أقررت لك أنني لا أومن بشيء، لا أومن بآلهة آبائي التي لم تستطع حمايتي، ولا أومن بإله أبرهة الذي لم يمنعه من إذلالي. إنني أمقت الكهنة ومحاريبهم، فلتكن صديقا مواسيا، أو لتكن ابن أبي مرة.
فقال سيف في حزن: مولاتي!
فقالت: لا تتبرأ مني يا سيف. قل يا أمي، قل أيتها الأم البائسة، قل أيتها الصاحبة التي لا وفاء لها، لم رضيت أن تكوني زوجا لغير أبي؟ ما أشد ما ألقى من كبت حنقي، واضطراري أن ألقى يكسوم وأنا أداري كراهتي، ثم أنطق له قائلة: «لك العزاء أيها الملك!»
أقد صار يكسوم ملكا؟ أنذهب بعد أيام لنصلي له في القليس ونلبسه تاج اليمن؟ لن تكون هذه الصلاة إلا لعنات أصبها على حظي وعلى قضائي وعلى الذي تحسبني أحزن عليه.
فرفع سيف عينيه في لفتة جافلة وقال: أمي!
فقالت في عنف: لا تتجه إلي بهذه النظرة، فإنها تزيدني حنقا وحقدا على نفسي وعلى الأحياء جميعا. قلبي يفور كالمرجل وعقلي يهيم في جحيم.
فقال عاطفا: ما قصدت سوى أن تترفقي بنفسك، وأن تذكري خير ما تبعثه الذكرى. كان أبرهة بنا رحيما، فلنترحم عليه ولنذكره بالسلام، فهذا أبعث للسلام في قلبينا.
فحولت ريحانة عنه عينيها قائلة: كأنني أسمع صوت خيلاء، كأنني أفزعتك يا سيف.
فقال: ليس في قلبي سوى المواساة والرحمة.
Bog aan la aqoon