وجهة العالم الإسلامي

Malek Bennabi d. 1393 AH
76

وجهة العالم الإسلامي

وجهة العالم الإسلامي

Daabacaha

دار الفكر معاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق

Lambarka Daabacaadda

١٤٣١هـ = ٢٠٠٢م / ط١

Goobta Daabacaadda

سورية

Noocyada

ورسمت لها مطامح، وخلقت اتجاهًا معينًا يهدف إلى التقدم، لكنها ظلت عقيمًا لأنها لم تكن منظمة في نطاق فقه محدد لمعنى الفاعلية. فكانت النهضة، ولكن دون توجيه منهجي، فتحررت قوى كانت من قبل خامدة، بيد أنها لم تتخذ مجالًا أو تتسلم دورًا، لقد ثار العالم الإسلامي الحديث، لكن ثورته كانت في ظرف مغلق؛ في قنينة دعِيّ في الكيمياء، لا يدري قانونًا لتفاعل المادة في عمليته. تلكم هي مأساة (الحركة) التي شاءت أن تتحرر من (السكون)، مأساة الفكر في نضاله ضد البلادة والقلق؛ مأساة الرجل الذي استيقظ ولم يعرف بعد واجبه. هذا العجز العضوي تذكيه دائمًا ضروب من الشلل، أصابت النواحي الخلقية والاجتماعية والعقلية جميعًا. وأخطر هذه النواحي هو الشلل الأخلاقي، إذ هو يستلزم أحيانًا النوعين الآخرين. ومصدر هذا البلاء معروف، فمن المسلم به الذي لا يتنازع فيه اثنان أن (الإسلام دين كامل). بيد أن هذه القضية قد أدت في ضمير ما بعد الموحدين إلى قضية أخرى هي: (ونحن مسلمون)؛ فنتج: (إذن نحن كاملون)!! ولنعد إلى الماضي، لقد كان عمر بن الخطاب- ﵁ يحاسب نفسه دائمًا، وكان يبكي من ذنوبه رجاء أن يغفرها الله له؛ ولكن العالم الإسلامي قد فقد هذا الروح منذ زمن بعيد، فلم يعد أحد يؤنب نفسه أو يتأثر من خطيئته، أو يبكي على ذنبه. وهؤلاء هم القادة والموجهون وقد خيم عليهم شعور بالطمائينة الأخلاقية، فلم نعد نرى زعيما يعترف على الملأ بأخطائه. وهكذا غرق المثل الأعلى الإسلامي؛ المثل الأعلى للحياة وللحركة، في فيضان من التعالي والغرور، بل في ذلك القنوع الذي يتصف به الرجل المتدين، حين يعتقد أنه بتأديته الصلوات الخمس قد بلغ ذروة الكمال، دون أن

1 / 85