وجهة العالم الإسلامي
وجهة العالم الإسلامي
Daabacaha
دار الفكر معاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق
Lambarka Daabacaadda
١٤٣١هـ = ٢٠٠٢م / ط١
Goobta Daabacaadda
سورية
Noocyada
السكان، كما أن هذه الأرض التي يعيش عليها قد غزتها من قبله أديان أخرى، فالهند هي أرض البرهمية والبوذية.
سيجد المجتمع الإسلامي نفسه هنالك بما يضم من جمهرة يبلغ عددها تسعين مليونًا، يحيط بهم خضم من الهندوس يبلغ عددهم ثلاث مائة مليون، وهنا يشهد المسلم الحياة الدينية العجيبة التي يحياها هؤلاء الناس كل يوم، والذين يعدون من أشد المتمدينين في العالم، حيث يعيشون في جو صوفي ملتهب.
هنالك يهز أعماقه انقلاب هائل، وهو انقلاب أصاب من قبله (إقبال) حين كان يشهد تقاليدهم، ويعيش في جوهم، فنضج بذلك ضميره الديني، مما أكسب الفكر الشاعر ذاتية غنية، اتصف بها ضمير يتمتع بالعقل وبالعاطفة، أي بميزة الفهم وميزة الانفعال، هذا الحوار بين القلب والفكر، هو الذي ينقص إنسان ما بعد الموحدين، والذي يبدو أنه لم يتحرك بعد داخل نفسه على شاطئ البحر الأبيض، وهو من أعظم ما يتعلمه العالم الإسلامي في رحلته نحو آسيا. ومع ذلك فإن المسلم في إندونيسيا، وأخاه في باكستان، يمثلان رجلين ذوي خصائص ممايزة: فإن الاحتلال الهولندي الذي امتد قرونًا عديدة، لم يترك في جزائر إندونيسيا عددًا كافيًا من المثقفين، ولكن هذه القلة المثقفة البسيطة وهي المسؤولة عن الكفاح ضد الفاقة العامة، وضد الأمية الشاملة، وضد التفريط والفوضى- وهي الأمراض التي تعمد الاستعمار خلقها، ثم ولى هاربًا إلى حيث تختفي الجرذان- هذه القلة تدلنا على ما تزخر به عبقرية الشعب الإندونيسي من استعدادات عجيبة.
والرجل في جاوة دقيق الحس، يحترم النظام والتنظيم، وهو مغرم بتعميق جزئيات الأشياء، فهو بذلك رجل مادي إيجابي ذو طاقة ضخمة، وهو أيضًا رجل عملي، ماهر في صنعته، ذواقة لشتى أنواع الفنون.
1 / 185