146

وجهة العالم الإسلامي

وجهة العالم الإسلامي

Daabacaha

دار الفكر معاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق

Lambarka Daabacaadda

١٤٣١هـ = ٢٠٠٢م / ط١

Goobta Daabacaadda

سورية

Noocyada

بعث في الناس إسلامًا خلع عنه سدول التاريخ، وما كان له من نظرية يركن إليها سوى القرآن نفسه، ولكنه القرآن الذي يحرك الحياة؛ وإذ كانت الحركة الإصلاحية التقليدية لم تقم إلا على الأساس ذاته أي على القرآن، وذلك حق لاريب فيه، فإن الآية القرآنية لم تكن لتستخدم في منهجها إلا بوصفها وسيلة منطقية تساق لغرض تعليمي، فالقرآن في منطقها معلم يقدم لها مقاييس من كل نوع، وبراهين تفحم الخصوم، وأدلة تدين بعض التقاليد والبدع التي لا تتفق و(ما جرى عليه السلف)، وهو أيضًا نموذج جمالي، بل مجموعة من المقاييس الأدبية تستخدمها بعض العلوم الاستنباطية كعلوم البلاغة. ففي كل هذه الحالات، لم تكن الفكرة القرآنية لتمس مباشرة ضمير إنسان ما بعد الموحدين أو طبيعته، لا تمس مجال حياته وجوانب فكره ومناحي سلوكه، فهي بذلك أداة (للتجديد) أكثر من أن تكون إلزامًا (بالتجدد)، وهذا ولا شك أمر مهم، إذ كان على أية حال أساس النهضة الراهنة، فالتجديد في رأينا هو التفسير النفسي لما أطلقنا عليه لفظة (التكديس)، ولكنه يعد أيضًا نوعًا من الشرط المادي الضروري لعملية (التجدد)؛ أعني تجدد النفس الذي هو جوهر النهضة، على حين يعد التجديد- الذي يتصل بالفكر وحده- إصلاحًا ظاهريًا. ولقد كان من أثر تلك الحركة التي وصفناها أن تجددت القيمة القرآنية في ذاتها، فأصبحت قيمة ناشطة، ووسيلة فنية لتغيير الإنسان؛ ولطلما اعترف كثير من المثقفين الذين كان من حظهم الاتصال بزعيم الحركة، بأن للرجل قوة خارقة، إذ يجعل من آية القرآن أمرًا حيًا يملي على الفرد سلوكًا جديدًا، ويجذبه جذبًا إلى حياة العمل والنشاط. فالفكرة القرآنية هنا، تؤثر في سامعها كأنما دبت الحياة والجدة فيها فجأة على شفاه الرجل، ولعل في قولنا: «إن الآية تتجدد» ما يصطدم مع عقول

1 / 157