أولا:
لا تستغل الحرب لتشجيع فكرة الثورة بل يجب أن تستند الثورة الإيطالية أو الحرب إلى أسباب سياسية تسوغها وتدل على مشروعيتها في بلاده وفي إنجلترة، فتقرر اتخاذ وطنية مقاطعة «ماساكراره» التي كانت في حالة عصيان مستمر ضد دوق مودينه حجة يسهل التذرع بها.
ثانيا:
أن تتزوج الأميرة كلوتيلدة بنت ابنة فكتور عمانوئيل من الأمير نابليون، وأخيرا وهنا الثمن الحقيقي التخلي عن إيالة صافويه ونيس لفرنسة، ثم لوح باستعداده لتأجيل البحث حول نيس ولكن أصر على أخذ صافويه لتمتد حدود فرنسة إلى جبال الألبة، وبذلك تنال فرنسة - على الأقل - حدودها الطبيعية في الجنوب الشرقي، ولا سيما لأنه يطمع أن تساعده هذه الحدود في المستقبل على توسيع أرض فرنسة إلى ضفاف الرين.
وظل الموقف - رغم النجاح الذي ناله كافور في بلومبير - صعبا والغاية بعيدة المنال، ولقد أظهر كافور جرأة فائقة في زج بلاده في مأزق لا يمكن الرجوع عنه، وأخذت بيمونته تتقدم نحو الحرب في سرعة وعزم، وما هي إلا أشهر قليلة حتى صار لا بد لبيمونته من أن تخوض غمار حرب فاصلة، هي حرب حياة أو ممات للمحافظة على شرفها وسمعتها، وإذا لم تقم فرنسة بمساعدتها فلا بد من أن تسحقها جيوش النمسة، وما لم تحارب القطعات الإفرنسية في جانبها فإن الشجاعة البيمونتية وحدها لن تخلصها من مخالب جارتها الجبارة على أن المساعدة الإفرنسية لما تضمن.
ولا شك في أن الإمبراطور كان صادقا في وعده لكن الصعوبات التي يلاقيها في تمهيد المجال كانت عظيمة، وحسبنا أن نذكر قدرة الحزب الإكليريكي على حشد قواه للحيلولة دون حرب تؤدي حتما إلى الهجوم على سلطة البابا الزمنية، وكان الإمبراطور لا يجرؤ على إغضاب هذا الحزب، ثم إن رجال المال في باريس كانوا يخشون الحرب وتأثيرها في السوق، ولم ينظر الأحرار بعين الرضا إلى سياسة من شأنها أن تقوي سمعة الإمبراطورية، وأن تزيد من نفوذ الإمبراطورية بحيث تقضي على الاستياء في الداخل. وكان وزراء نابليون يجهلون نبأ اجتماع بلومبير جهلا تاما، ولما اطلعوا عليه لم يكتموا الملك معارضتهم إياه.
هذه بعض العقبات في الداخل، أما في الخارج فكانت أشد منها في الداخل، وكان تذليلها أصعب منالا، فمنها أن الإمبراطور كان يعلم أن إنجلترة سوف تبذل كل جهدها للمحافظة على السلم مع أن الوزارة البروسية وقتئذ كانت حذرة من فيينا، إلا أن الرأي العام الجرماني الذي يعطف على فكرة الاتحاد الجرماني كان يعتبر لمبارديه وفنيسيه من أراضي الاتحاد المنشوي وأن «فيرونه ومانتويه» من المواضع الأمامية للوطن الجرماني، فهو - والحالة هذه - قد يضغط على حكومة برلين ليحملها على محالفة النمسة.
ثم إنه رغم أن صداقة فرنسة لروسية كبيرة، ورغم أن بروسية تغتبط لضياع لمبارديه من النمسة؛ فإنه كان من المشكوك فيه جدا بأن تقدم روسية المستبدة مساعدتها أو عطفها المثمر في حرب تستهدف فوز القضية الوطنية، ولم تكن العقبات التي تعترض كافور في سبيل خلق الفرصة أقل شأنا من تلك التي يلاقيها الإمبراطور.
وقد عزم كافور أولا: على أن يجبر النمسة إلى الحرب بإغضابها، ولما لم يوفق إلى ذلك أخذ يترقب سنوح فرصة قد تنجم عن تطورات القضية الشرقية أو عن تمرد يحدث في كراره، وظل مترددا في قضية دولة آل لورين في طوسكانه، هل يدبر الدسائس ضدهم بغية إلحاق طوسكانه ببيمونته في الوقت المناسب، أم عليه أن يصرف النظر عن ذلك لأن الدول الكبرى قد لا توافق على ذلك.
ثم إنه كان - في الوقت نفسه - ينظر بعين القلق إلى رغبة الإمبراطور لويس نابليون في تأسيس ملكية إيطالية الوسطى، ونصب أمير إفرنسي على عرشها؛ ولذلك فإن استبقاء آل لورين في عرشهم ضمان ضد تنفيذ رغبة الإمبراطور، وعليه تلقى مندوبه في فلورنسة تعليمات تقضي عليه بأن يبذل جهده في استمالة أمير طوسكانه إلى جانب الأحرار.
Bog aan la aqoon