40

Why We Pray - Introduction

لماذا نصلي - المقدم

Noocyada

الصلاة نور وبرهان ووضاءة للمؤمن في الدنيا والآخرة إن الصلاة نور وبرهان ووضاءة، الصلاة نور يزيل ظلام الزيغ والباطل، وهي نور بكل معنى كلمة النور، نور تنور وجه صاحبها في الدنيا، وتكسوه جمالًا وبهاءً كما هو محسوس، وتنير قلبه؛ لأنها تشرق فيه أنوار المعارف، وتنير ظلمة قبره كما قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: (صلوا ركعتين في ظلم الليل لظلمة القبر)، وقد قال النبي ﵌: (إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينورها بصلاتي عليهم) أو كما قال ﷺ. كما أن هذا النور يتلألأ على جبين المصلي يوم القيامة، يقول ﷺ: (والصلاة نور، والصدقة برهان) رواه مسلم، وهي نور في الدنيا، نور في القلب، ثم يشرق على الوجه، ونور في القبر، ونور يوم القيامة، ونور في الجنة؛ فلذلك عمم وقال: (والصلاة نور)، وقوله: (والصدقة برهان) أي: دليل وحجة وبرهان على إيمان صاحبها. والصلاة وضاءة للوجه وإشراق له، يقول ﵎: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ [الفتح:٢٩] أي: التواضع والسكينة والإخبات والخشوع في وجوههم من أثر السجود. قال بعض المفسرين: ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ [الفتح:٢٩] قال: الصلاة تحسن وجوههم. ومن رزق فراسة رأى هذا النور على وجه المصلي، بينما يرى الظلام والسواد على وجه تارك الصلاة والعياذ بالله. وقال الحسن: ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ [الفتح:٢٩] أي: السمت الحسن. يعني: أن الصلاة تحسن صورته وسمته ووجهه. وعن منصور عن مجاهد قال: ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ﴾ [الفتح:٢٩] يعني: الخشوع، فالتواضع خلق المصلي، وغير المصلي مستكبر، قال ﷿: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ﴾ [المرسلات:٤٨] يستكبرون عن الركوع لله ﷾، ولما فسر مجاهد قوله تعالى: (سِيمَاهُمْ) بالخشوع، قال منصور لـ مجاهد: ما كنت أراه إلا هذا الأثر في الوجه، فقال: ربما كان بين عيني من هو أقسى قلبًا من فرعون. فلا يعجز أحد -حتى لو كان منافقًا- أن يضغط بشدة على الحصير حتى تحصل له هذه العلامة؛ فهذه السيما في الخشوع، بحيث يتوارى الخيلاء والكبرياء، ويحل محلها التواضع النبيل، والشفافية الصافية، والوضاءة الهادئة، والذبول الخفيف الذي يزيد وجه المؤمن المصلي وضاءة وصباحة ونبلًا، فيبدو المصلي نتيجة الخشوع والخوف والرجاء والحمد والتسبيح كأنه إنسان جاء من الآخرة؛ ليحدث الناس بما شاهد هنالك، أو كإنسان انفلت من جيل الأوائل وقفز ليعيش بيننا في عصرنا. وعن بريدة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) صدق الصادق المصدوق ﷺ فهو حينما يبشر فقطعًا سيقع؛ لأنه كما قال الله: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم:٣ - ٤]. قوله: (بشر المشاءين) أتى بصيغة المبالغة، يعني: المحافظين على ذلك. قوله: (بشر المشاءين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) لأن الجزاء من جنس العمل، فكما عانيت هذه الظلمة في الخروج إلى المسجد؛ تعظيمًا لصلاة الجماعة؛ يكافئك الله ﷾ بالنور التام يوم القيامة. وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله ﷺ قال: (إن الله ليضيء للذين يتخللون إلى المساجد في الظلم بنور ساطع يوم القيامة). وعن عبد الله بن عمرو ﵄ عن النبي ﷺ: (أنه ذكر الصلاة يومًا فقال: من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وهامان وفرعون وأبي بن خلف) بئست الصحبة، بدل أن يصاحب الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين يكون في صحبة هؤلاء المجرمين الأشقياء قارون وهامان وفرعون وأبي بن خلف. وقال ﷺ: (ما من أمتي من أحد إلا وأنا أعرفه يوم القيامة، قالوا: وكيف تعرفهم -يا رسول الله- في كثرة الخلائق؟!) يعني: كيف تعرفهم يوم القيامة في هذا الزحام الشديد، فجميع الأمم سيحشرون في أرض واحدة، ومع ذلك كله سيعرفك النبي ﵊ يوم القيامة في وسط هذا الزحام، ويعرف أنك من أمته الذين آمنوا به ولم يروه. يقول ﷺ (ما من أمتي من أحد إلا وأنا أعرفه يوم القيامة، قالوا: وكيف تعرفهم -يا رسول الله- في كثرة الخلائق؟! قال: أرأيت لو دخلت صيرة -يعني: حظيرة تتخذ للدواب- فيها خيل دهم -يعني: سود، والبهيم في الأصل من لا يخالط لونه لون سواه- قال: وفيها -يعني: وفي هذه الحظيرة فرس واحد فقط- أغر محجل -وأصل الغرة بياض في وجه الفرس- أما كنت تعرفه منها؟ قال: بلى، قال: فإن أمتي يومئذ غر من السجود، محجلون من الوضوء).

3 / 13