قبل الختام:
شجون عابرة
لقد عرفنا بالأدلة العقلية والنقلية أن أصحاب النبي ﵌ هم خير جيل عرفته البشرية كلها فهم خير الخلق بعد الأنبياء والمرسلين، وقرنهم خير القرون، وقد خاطبهم الله بالقول:
﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران: ١١٠].
وهم الجيل الذي اصطفاه الله لصحبة نبيه ﵌ وتبليغ دعوته، وما كان الله ليختار لنبيه من لا يصلح لنشر الدعوة وحفظ الإسلام وحماية المسلمين.
والقول بردتهم لا يقبله مسلم عاقل، بل يستطيع كل مسلم عامي سليم المعتقد أن يبطل هذه المعتقدات الدخيلة على الإسلام ببعض التساؤلات والتأملات السطحية، ونورد من ذلك مثلا ما قد يُحدث به المرء نفسه دون أن يرجع إلى القرآن والسنة أو إلى عالم في الدين وهي بمثابة شجون وخواطر ترد على ذهن صاحب الفطرة السليمة، ومن تلك الخواطر أن يقول:
أولًا: كيف يستقيم -عقلًا- أن يكون أصحاب خاتم الأنبياء والمرسلين كفارًا وقد أثنى عليهم الله في كتابه الكريم، وكذا نبيه محمد ﵌ وأهل بيته، وزكَّى ظاهرهم وباطنهم؟ (^١) فهل يثني الله ﷿ على منافقين وكفار ومرتدين؟! ألا يعلم ما سيؤول إليه حالهم؟! وهل يفعل ذلك الثناء النبي ﵌ وأهل بيته الطاهرون؟!!
ثانيًا: إن المرتد إنما يرتد لشبهة أو شهوة، ومعلوم أن الشبهات والشهوات في أوائل الإسلام كانت أقوى وأكثر، حيث كان المسلمون إذ ذاك مستضعفين، والكفار قد استولوا
(^١) انظر: (٢٣ - ٥٠) من هذا الكتاب.