Wasiir Ibn Zaydun
الوزير ابن زيدون مع ولادة بنت المستكفي
Noocyada
وعليك السلام وبكل احترام من فؤاد ذاب وجدا وهيام، أفدني خبر أبي الوليد بالتفصيل، واشف من فؤادي ببرد حديثك الغليل.
النديم :
إن خبر أبي الوليد غريب، وشرح حديثه عجيب، فقد مرت عليه أهوال، وحالت دون آماله أحوال؛ وذلك أنه بعدما انفصل من هذا المكان وقد غلب التوله على فؤاده وران، وطمس أمام عينه المذهب، ولا يدري أين يذهب، لقيه عدة من أعوان السلطان الذين انتشروا للبحث عليه في كل مكان، فقبضوا عليه وبسطوا يد العدوان لديه، ثم أودعوه في السجن بأمر سلطانهم، وضيقوا عليه الحرس فوق إمكانهم، ووضعوا في ساقه الأدهم بعد الأشهب، وحملوه على خطة خسف، وتركوه بها يعذب، فبقي يتعلل بذكراك في عامة أوقاته، ويجلو كئوس الغرام بمحاسن وصفك في جلواته، وهو مشفق على فؤادك بعد ذلك الموقف، ومتحرق على ما جرى من تلك الأهوال ومتأسف.
وما زال كذلك تحول دون مطالبه المهالك حتى حضرت لديه، وتمثلت بين يديه، وأعنته على الفرار، والخروج من ذلك السرار، وحسنت له الذهاب إلى إشبيلية مقر المعتضد عباد، حيث ينجو من ذلك الأسر الشديد ومعاناة غلاظ شداد، وبعدما استعملت شيئا سقط به الحرس، فك قيوده وخرج مع البازي برداء الغلس، وقد فاز بحضرة ذلك الملك الكريم، وتقلد وزارة دولته بكل تعظيم، وهو الآن يخطر بلباس الإجلال، ويجيب النداء بتوقيع الندى لفريق الآمال. إلا أنه مع ذلك فاتر النشاط يعاني حر الأوار ، ولا يستطيب برد الصفا بمعاقرة العقار؛ إذ كان اشتغال فؤاده بهواك حال دون راحته بتعب الفكر، فلذلك لا يفتر لسانه مع تلك الحرق لك من ذكر، وقد أرسلني إليك لاستدامة ودادك، واستمطار سقيا عهده بصوب عهادك، وأنه لا يحول عن وجده بك ولو بعد حين، ولا يتغير حبه وإن غير النأي المحبين.
ولادة :
خففت عني بعض ما أجد أيها النديم، وأرحت فؤادي من معاناة العذاب الأليم، حيث وصل الحبيب إلى بر الأمان، ونجا مما نصبه له العدا من شرك العدوان، وإن عروة ودي له لا تحل بيد سلوى، ولا يأنس ضميري بخاطر إذا لم يكن له به بنجوى، ولعل ساعد الأماني يساعد بجمع الشمل، فيدرج همزة القطع لبعدنا بضرورة الوصل، وإلا فاتصال أسرار الضمائر، وصفا القلوب والسرائر، وإعمال حركة الفكر بمناجاة الذكر يعلل فؤادي العليل، ويطفي بعض ما أجد من حر الغليل. (لحن عروض أيها المجاوز بالأسل بياتي):
أيها النديم صفا سري في هوى الحبيب
واحتوى سناه حما صدري؛ فهو لا يغيب
والحشا حواه فهل يدري حالي العجيب
والهوى يديم به أسري سائر الزمان
Bog aan la aqoon