صاح مخاطبا الشرطي الذي وجد صعوبة في مواكبة وتيرة ركضه: «هيا أيها الأحمق المتسكع! هيا وإلا أقسم بالآلهة! لأكسرن معصمك على سياج ذي قضبان وأقتلع هذا الحديد المؤلم منه.»
تحولت قسمات وجه الأسير الشرسة بفعل شغفه الطاغي بالحرب، وللمرة الأولى في هذا اليوم، خاف ستوليكر من وهج عينيه المجنون. ولكن حتى لو كان خائفا، فلم يبد خوفه لييتس.
صاح وهو يقفز إلى الأمام متجاوزا إياه ويلوي الأصفاد التواءة مألوفة لدى أولئك الذين يضطرون إلى التعامل مع مجرمين مقاومين: «بل هيا أنت! فأنا متلهف مثلك تماما لرؤية المعركة.»
أعاد الألم الحاد ييتس إلى رشده مجددا. ثم ضحك وقال: «هذا هو عين الصواب، أتفق معك. لكنك ربما لن تكون في عجالة من أمرك هكذا لو علمت أنني سأكون في خضم غمار المعركة وأنوي استخدامك درعا واقيا من الرصاص.»
فأجاب الشرطي الضئيل لاهثا: «لا بأس. فالجانبان يطلقان النيران. سأكون درعا واقيا لك من جانب، وستضطر إلى أن تكون درعا واقيا لي من الجانب الآخر.»
ضحك ييتس مجددا، وركضا معا في صمت. ظلا يركضان متجنبين البيوت حتى خرجا من الحقول إلى طريق ريدج. كان الدخان يتصاعد فوق الأشجار، موضحا موقع المعركة على بعد مسافة ما على الجانب الآخر منها. جعل ييتس الشرطي يعبر وراءه السياج والطريق ويدخل الحقول الواقعة على الجانب المقابل، ثم وصل به إلى مقربة من الجهة الخلفية لدار بارتليت ومخزن حبوبه. لم ير أحد بالقرب من الدار سوى كيتي بارتليت، التي كانت واقفة خلف الدار تراقب الدخان المتصاعد بوجه شاحب قلق، وكانت تغطي أذنيها بيديها بين الحين والآخر كلما هاجمهم صوت وابل مدو للغاية. رفع ستوليكر صوته وصرخ مستغيثا.
فصاح ييتس قابضا على حنجرته: «لو كررت ذلك، فسأخنقك!»
لكنه لم يكن بحاجة إلى تكرار ذلك. فقد سمعت الفتاة الصرخة والتفتت بنظرة مذعورة، وبينما كانت على وشك الفرار سريعا إلى داخل البيت، ميزت هوية الرجلين. وحينئذ اتجهت نحوهما. وأنزل ييتس يده عن حلقوم الشرطي.
سألها الشرطي: «أين أبوك أو أخوك؟». «لا أعرف.» «أين أمك؟» «إنها هناك في بيت السيدة هوارد، المصابة بوعكة صحية.» «أأنت وحدك تماما؟» «نعم.» «إذن آمرك باسم الملكة ألا تقدمي أي مساعدة لهذا الأسير، بل تفعلي ما سأخبرك به.»
فصاح ييتس قائلا للشرطي: «وأنا آمرك باسم الرئيس أن تخرس، وألا تخاطب امرأة راقية هكذا.» ثم أردف بنبرة ألطف: «كيتي، هلا تخبريني من أين أستطيع الحصول على مبرد، كي يتسنى لي كسر هذه الأساور؟ ليس عليك أن تحضريه لي. ليس عليك أن تفعلي أي شيء. كل ما عليك أن تخبريني بمكان المبرد. يجب ألا تحصل الشرطة على دليل يجعل لديها سطوة عليك، كما يبدو أن لديها سطوة علي.»
Bog aan la aqoon