قال باري العصا: «بالمناسبة، هل قال بارتليت الصغير إنه سيأتي الليلة؟ آمل أن يحضر أخته إذا أتى. ألم يطلب أيكم منه أن يحضرها؟ فلن يفكر في ذلك أبدا إذا لم يطلب منه. إنه لا يراعينا إطلاقا.» «لماذا لم تطلب أنت منه ذلك؟ سمعت أنك شخصيا قد اعتدت السير في هذا الاتجاه مؤخرا.»
فقال الباري بلا مبالاة تامة: «من؟ أنا؟ لا فرصة لدي لفعل ذلك في هذا الحي، لا سيما حين يكون العجوز موجودا.»
صدر صوت ترانيم من مبنى المدرسة. وفتح بابها المزدوج على مصراعيه، وبينما كان الضوء يتدفق إلى الخارج بدأ الناس يتدفقون إلى الداخل.
سأل ييتس قائلا: «أين ماكدونالد؟». «أوه، أظنه قد ذهب إلى الغابة. إنه يغسل وجهه ثم يختفي. فمن شواهد حسه المنطقي السليم أنه يغسل وجهه أولا؛ لأنه يعرف أنه سيضطر إلى المجيء. ستراه مجددا قبل أن يبدءوا الترنيمة الثانية.»
قال أحدهم وهو ينزل من على السياج ويمدد ذراعيه فوق رأسه متثائبا: «حسنا يا أولاد! أظن أننا إن كنا نعتزم الدخول، فقد حان الوقت لذلك.»
فنزلوا واحدا تلو الآخر من على السياج، وأغلق الباري سكينه بحركة حادة مفاجئة على مضض ووضعه في جيبه بأسف واضح على قسمات وجهه. كانت المدرسة، رغم اتساع مساحتها، ممتلئة عن آخرها، وكانت النساء في إحدى جانبي الغرفة، فيما كان الرجال في الجانب الآخر، مع أن مثل هذا التقسيم لم يكن له وجود بالقرب من الباب؛ إذ كان كل شاغلي المقاعد الخلفية رجالا وصبيانا. كانت جماعة المرنمين واقفة تنشد ترنيمة حين دخل ييتس ورفاقه؛ لذا لم يلحظ أحد دخولهم الهادئ. كان مكتب المدرس قد نقل من المنصة التي عادة ما يوضع عليها، وصار يشغل آنذاك أحد الأركان في الجانب المخصص للرجال من المبنى. وقد جلس عليه شخصان أو ثلاثة كانوا يرغبون في أن يكونوا قرب المقدمة ويستطيعوا في الوقت نفسه مراقبة بقية الحاضرين. كان الواعظ المحلي واقفا على حافة المنصة، يضبط الإيقاع بكتاب الترانيم الذي يمسكه ولكن من دون إنشاد؛ لأنه لم يكن ذا أذن موسيقية ولا صوت موسيقي، وكان يعترف بهذه الحقيقة بكل سرور. وكان قائد الإنشاد رجلا واقفا في وسط الغرفة.
في الجزء الخلفي من المنصة، بالقرب من الحائط، كان يوجد كرسيان، جلس على أحدهما القس المبجل السيد بيندرسون الذي كان من المقرر أن يدير طقوس التجديد الديني. كان رجلا ممتلئا ضخم الشكل، لكن ييتس لم يستطع رؤية وجهه؛ لأنه كان مدفونا بين يديه، ولأن رأسه كان محنيا من انهماكه في صلاة صامتة. كان مفهوما بين عموم الناس أنه كان ذا شر مخيف في أيام شبابه، ودائما ما كان يصف نفسه بأنه شعلة انتشلت من وسط النيران. بل كان ثمة تلميحات إلى أنه كان يمارس لعب الورق في وقت من الأوقات، ولكن لم يكن أحد متيقنا من ذلك. كان العديد من الوعاظ المحليين يفتقرون إلى ملكة الموعظة الحسنة؛ لذا كان رجل مثل القس المبجل السيد بيندرسون، الذي طور هذه الموهبة تطويرا غير طبيعي، أنفس قيمة من أن يحصر في حدود محلية؛ ولذلك كان يقضي عامه متنقلا من مكان إلى آخر، حيث كان يعيد الأغنام الشاردة التي تحوم في الضواحي إلى الحظيرة، بالترهيب تارة والترغيب تارة، وحالما تعود إلى داخل سياج الحظيرة الدينية، كان من المفترض أن يتولى القس المحلي مهمة إبقائها هناك. وهذا الأخير، الذي كان يلقي الترنيمة، كان رجلا من نوعية مختلفة تماما . فقد كان طويلا وشاحبا ونحيفا، وكان معطفه الأسود الطويل يبدو معلقا عليه كما لو كان على عمود. وحين انتهت الترنيمة وجلس الجميع، وجد ييتس ومن معه أقرب ما استطاعوا إيجاده من مقاعد عند جانب الغرفة القريب من الباب. وكان هذا الجزء من القاعة هو الذي اجتمع فيه المتهكمون، لكنه أيضا كان الجزء الذي يحصد معظم الفائدة إذا قدر للتجديد أن يكون ناجحا. رأى ييتس المكان مكتظا جدا ولاحظ دكتين شاغرتين في المقدمة، فسأل الباري عن سبب فراغهما. «ستشغلان قريبا جدا.» «لمن حجزتا؟» «ربما أنت، وربما أنا، وربما كلانا. لا يمكن الجزم أبدا. فهذه دكة التائبين.»
جثا الواعظ المحلي على المنصة وأدى صلاة. ودعا الرب أن يبارك جهود الأخ الحاضر معهم في هذه الليلة، وأن يكلل عمله بالنجاح، ويهتدي بواسطته العديد من الخطاة الهائمين إلى الدرب القويم. وصدحت أرجاء القاعة بصيحات «آمين» و«باركي يا نفسي الرب» في أثناء أداء الصلاة. وعند قيامه، ألقى ترنيمة أخرى:
فلتعم الفرحة الدنيا، لقد أتى الرب.
دع الأرض تستقبل مليكها.
Bog aan la aqoon