قال ساندي بضحكة مكتومة ونبرة إعجاب كأنه يلمح إلى أن رب العمل حين يتكلم ينطق بالحكمة: «بالضبط. بالضبط. هذه نقطة محسوبة عليك يا سام.»
فقال الشخص الذي كان يبري العصا من على الدكة في رد اعتبر أنه ينم عن حضور البديهة: «أظنني أستطيع تحمل ذلك، إن كان هو يستطيع.»
فقال بارتليت الشاب: «تقصد أنك تستطيع تحمل ذلك جالسا.» وضحك مع الآخرين على دعابته.
قال الحداد بحدة: «لكن الحدوات نفدت من عندنا، وسيتعين عليكما الانتظار ريثما نحني بعض حدوات أخرى، هذا إن كنتما لا تريدان إعادة ضبط الحدوات القديمة. أهي جيدة كفاية؟» «أظن ذلك، إن كنت تستطيع معاينتها والتحقق من ذلك بنفسك، لكن الحصانين في الساحة بالخارج. بالطبع ما كنت لأجعلهما ينتظران هنا في الداخل، أليس كذلك؟» ثم تذكر واجباته فجأة وقال مقدما رفيقه تقديما عاما إلى كل الحاضرين: «أيها السادة، هذا صديقي السيد ييتس من نيويورك.»
بدا الاسم وكأنه قد نزل كمياه باردة على مرح الحشد الحاضر وبهجته. فقد تصوروا من طراز ثيابه أنه صاحب متجر من إحدى القرى القريبة أو بائع بالمزادات من مكان بعيد؛ إذ كانت هاتان المهنتان هما أعلى ما يستطيع أن يصل إليه الرجل من مكانة اجتماعية. كانوا مستعدين لسماع أنه من ويلاند أو ربما سانت كاترينز، لكن نيويورك! كانت هذه صدمة ساحقة. ومع ذلك، لم يكن ماكدونالد رجلا يقبل أن يبدو أقل مقاما من شخص آخر في ورشته وأمام معجبيه. ما كان ليترك هيبته تتفلت منه لمجرد مجيء رجل من نيويورك. لم يكن يستطيع أن يدعي أنه يعرف المدينة؛ لأن الغريب كان سيكتشف غشه سريعا وربما يفضحه، لكن التعالي الطفيف الذي أبداه ييتس أزعجه، وأحرج الآخرين. حتى ساندي نفسه كان صامتا.
قال ماكدونالد ببرود فظ كأنه يريد إظهار أن المرء، رغم كل شيء، يمكن أن يقابل رجلا من نيويورك ولا ينهار على الأرض من شدة الانبهار: «قابلت أناسا من نيويورك في داون إيست.»
قال ييتس: «حقا؟ آمل أن تكون قد أحببتهم.»
رد الحداد ببعض الاستخفاف قائلا: «أوه، بعضهم وبعضهم. ففيهم الجيد والسيئ، كبقية البشر.»
قال ييتس: «آه، لقد لاحظت ذلك إذن. حسنا، كثيرا ما ظننت ذلك أنا أيضا. لا غضاضة في أن تدلي بتعليق كهذا؛ إذ لا يوجد خلاف عليه في العموم.»
كان تعالي النيويوركي مثيرا للغضب، وأدرك ماكدونالد أن البساط يسحب من تحت قدميه. فقد أثارت الوقاحة الهادئة التي امتزجت بنبرة ييتس سخط الحداد بشدة إلى حد أنه شعر بأن أي كلام لديه غير كاف لصدها. وحينئذ حان أوان الدعابة العملية. فكان لا بد من كسر غرور هذا الرجل. اعتزم الحداد تجربة حيلة ساندي، وإذا فشلت، فعلى الأقل ستصرف انتباه الحاضرين عنه إلى مساعده.
Bog aan la aqoon