قال وهو ينزل من على الدكة: «إذن فهذا جزء من معدات صنع الصابون؟ كنت أظن أن الغلاية الحديدية المعلقة فوق النيران هي المصنع كله. أخبريني بمعلومات عن المعالج.»
قالت كيتي وهي تقلب محتويات الغلاية الحديدية بعصا طويلة: «هذا مكمن العمل الشاق في صناعة الصابون. فإبقاء المعالج مزودا بالمياه في البداية ليس رفاهية؛ لأن الرماد يجف بعد ذلك. إذا صببت فيه خمسة دلاء أخرى من المياه، فسأخبرك عنه.»
صاح ييتس مسرورا برؤية استياء الفتاة الذي كان واضحا في البداية من وجوده يتلاشى بسرعة: «حقا! الآن سترين كم أنا نشيط. فأنا رجل نافع أينما حللت.»
وحين أكمل مهمته، كانت الفتاة لا تزال تقلب السائل الذي كان يزداد كثافة في الغلاية، وتحمي وجهها من النار بقبعتها الكبيرة المصنوعة من القش. كان شعرها الأشقر المتشابك ذو الخصلات المتآلفة في عناقيد منسدلا حول كتفيها، ورأى ييتس، وهو يضع الدلو في مكانه بعدما أفرغه للمرة الخامسة، أنها تشكل صورة فاتنة وهي تقف هناك بجوار النيران، حتى وإن كانت تصنع الصابون اللين ليس إلا. «لقد أنهى الجني الشرير المهمة التي كلفته بها الأميرة الجنية. والآن حان وقت المكافأة. أريد معرفة كل التفاصيل عن المعالج. بادئ ذي بدء، من أين حصلت على هذه الأسطوانة الخشبية الضخمة التي ظللت أسكب فيها الماء دون نتيجة واضحة؟ أهي مصنعة أم طبيعية؟» «الاثنان. إنها جزء من شجرة الجميز.» «الجميز؟ لا أظنني سمعت بها من قبل. أعرف شجر الزان والقيقب وبعض أنواع البلوط، لكن معرفتي بالأشجار تتوقف عند هذا الحد. لماذا الجميز تحديدا؟» «تصادف أن شجرة الجميز مناسبة تماما لهذا الغرض. إنها شجرة جميلة جدا تسر الناظرين إليها. تبدو جيدة تماما من الخارج، لكنها ليست كذلك في العموم. فهي إما تكون نتنة أو جوفاء من الداخل، وحتى حين تكون سليمة، تكون الأخشاب المأخوذة منها قليلة القيمة؛ لأنها لا تتحمل الاستخدام. ومع ذلك، لا تستطيع معرفة ما إذا كانت تحمل أي منفعة أم لا إلا حين تبدأ في قطعها.» رمقت كيتي الشاب، الذي كان جالسا على جذع شجرة مقطوع يراقبها، بنظرة خاطفة. «أكملي يا آنسة بارتليت؛ أفهم قصدك. يوجد أناس كشجرة الجميز. الغابات مليئة بهم. لقد قابلت كثيرين من هذا النوع؛ أشخاص يسرون النظر من الخارج، لكنهم فارغون من الداخل. أنا واثق من أنك لا تقصدين أي إساءة شخصية؛ لأنك، بكل تأكيد، قد رأيت فائدتي في التزامي بنقل دلاء المياه. ولكن أكملي.»
قالت كيتي مقهقهة: «عجبا، لم أفكر في أي شيء من هذا القبيل، لكنهم يقولون إن من على رأسه ريشة ...» «بالطبع يقولون، لكن هذا القول خاطئ، كمعظم الأشياء الأخرى التي يقولونها. فالرجل الذي على رأسه ريشة هو من ينظر إليك في عينيك مباشرة. والآن، بعد أن تقطع شجرة الجميز، ماذا يحدث بعد ذلك؟» «تقطع بالمنشار بطول مناسب، على أن تكون مستوية عند أحد طرفيها ومائلة عند الطرف الآخر.» «لم الميل؟» «ألا ترى، أساس اللوح الخشبي الذي ترتكز عليه مائل؛ لذا يجب قطع طرف المعالج السفلي بميل، وإلا فلن يقف عموديا. سيسقط مع أول عاصفة.» «أرى، أرى. ثم ينقلونه وينصبونه؟» «أوه، لا يا عزيزي، ليس بعد. بل يضرمون فيه النيران حين يجف بما يكفي.» «حقا؟ أظن أنني أفهم الاستراتيجية العامة، لكني أغفل التفاصيل، كما حدث حين حاولت غمر ذلك الدلو الخشبي. ما فائدة النيران؟» «إحراق البقايا اللينة داخل الخشب، بحيث لا تبقي سوى القشرة الخارجية الصلبة. ومن ثم، من المفترض أن يسفر إحراق السطح الداخلي عن تحسين المعالج؛ أي يجعله أشد منعا لتسرب الماء.» «بالضبط. ثم ينقل وينصب؟» «نعم، ويملأ تدريجيا بالرماد. وحين يمتلئ، نصب الماء فيه، ونجمع الغسول القلوي وهو يقطر منه. ثم يوضع هذا الغسول في الغلاية مع الشحوم وجلد الخنزير وما شابه، وحين يغلي وقتا كافيا، ينتج صابونا لينا.» «وإذا غليته وقتا أطول من اللازم، فماذا ينتج؟» «صابونا صلبا، حسبما أظن. لم أجرب من قبل أن أغليه وقتا أطول من اللازم.»
قوطع حوارهما هنا بهسهسة في النيران، أحدثها الصابون الذي سقط عليها بعدما ظل يغلي غليانا مضطربا حتى فاض من الغلاية. فأسرعت كيتي تصب في الغلاية طستا من الغسول البارد، وقلبت المزيج بقوة.
قالت بنبرة توبيخ: «أرأيت نتيجة إبقائي منشغلة بالكلام الفارغ معك. سيتعين عليك الآن تعويض ذلك بجلب بعض الخشب وصب مزيد من الماء في المعالج.»
صاح ييتس، وهو يهب واقفا على قدميه: «بكل سرور. من دواعي سروري التكفير عن خطئي بإطاعة أوامرك.»
ضحكت الفتاة. وقالت: «خشب أشجار الجميز.» وقبل أن يستطيع ييتس التفكير في أي شيء يرد به على كيتي ظهرت السيدة بارتليت عند الباب الخلفي.
سألت قائلة: «ما حال الصابون يا كيتي؟ يا إلهي، أأنت هنا يا سيد ييتس؟» «أأنا هنا؟ ينبغي أن أقول إنني هنا منذ فترة. إنني هنا بالطبع. فأنا العامل الأجير. أنا قاطع الخشب وناقل المياه، أو، بالأحرى، ناقل كليهما. وفوق ذلك، كنت أتعلم كيفية صنع الصابون يا سيدة بارتليت.» «حسنا، لن يضيرك تعلم كيفية صنعه.» «بالتأكيد. فحين أعود إلى نيويورك، أول ما سأفعله هو أنني سأقطع شجرة جميز في الحديقة العامة بالفأس، إن استطعت العثور على واحدة، وسأصنع معالجا لنفسي. فالغسول يجدي نفعا في إدارة صحيفة.»
Bog aan la aqoon