ثم صاح وهو يدنو منها: «أوه! أأنت امرأة حقا؟ وشابة أيضا، وإلا فأنا جاهل. والآن، فلتترجلي من على الحصان يا آنسة أو يا سيدة. سأضطر إلى التحقق من ذلك. لن تنطلي حيلة التعلل بالأخ على جندي قديم. من المؤكد أنك ذاهبة بالحصان إلى حبيبك في هذه الساعة المتأخرة من الليل، وإلا فأنا لا أفقه شيئا عن الجنس الآخر. فلتنزلي من على الحصان يا سيدتي ولتري ما إذا كنت سأعجبك أكثر منه، تذكري أن كل أشكال الرجال سواء في الظلام. هيا انزلي كما أقول لك.» «إذا كنت جنديا، فستتركني أذهب. أخي مصاب بجرح بالغ. يجب أن أذهب إلى الطبيب.» «لا «وجوب» وحربة البندقية أمامك. لو كان مصابا، فقد قتل رجال كثيرون أفضل منه اليوم. انزلي يا عزيزتي.»
جمعت مارجريت زمام اللجام في يدها، لكن الرجل استطاع، حتى في هذا الظلام الحالك، أن يرى ما تنوي فعله. «لن تستطيعي الهرب يا جميلتي. وإذا حاولت فعل ذلك، فلن تتأذي، لكني سأقتل حصانك. إذا تحركت، سأخرق جسده برصاصة.»
قالت مارجريت مرعوبة وقد غمرها خوف لم ينتبها حتى عند استشعار الخطر على حياتها: «تقتل حصاني؟».
فقال الرجل وهو يدنو منها ويضع يده على لجام جيبسي: «نعم، يا آنستي. لكننا لن نضطر إلى هذا. وفوق ذلك، سيحدث جلبة صاخبة جدا، وربما يجلب لنا رفقة تفسد هذه الخلوة وتزعجنا. لذا ترجلي بهدوء أيتها الفتاة الصغيرة اللطيفة.» «إذا سمحت لي بالذهاب وإخبار الطبيب، فسأعود إلى هنا وأصير سبيتك.»
ضحك الرجل مجددا بنبرات خفيضة تمني المرء بقرب نيل مراده دون تلبيته. وبدا أنه رأى هذه مزحة مضحكة. «أوه، لا يا حبيبتي. فأنا لست ساذجا إلى هذا الحد. فتاة في اليد خير من عشر على الطريق. والآن، انزلي من على هذا الحصان، وإلا سأنزلك عنوة. فهذا وقت حرب ولن أضيع مزيدا من الكلام الحلو عليك.»
كان الرجل، الذي رأته آنذاك، بلا قبعة، وظل يحدق إليها بشيء ما في عينيه الشريرتين جعلها ترتجف خوفا. لكنها ظلت هادئة جدا إلى حد جعله غير مستعد لأي حركة مباغتة حسبما بدا عليه. كانت يمناها المتدلية بجوارها قد أمسكت سوط الركوب القصير، وسرعان ما باغتته بجلدة لاسعة مغشية على عينيه بسرعة أعجزته عن درء الضربة، ثم نزلت بالسوط على خاصرة حصانها، وسحبت الحصان بيسراها فوق عدوها. فأطلق الحصان نخرة ذهول مسعورة، ووثب إلى الأمام فأسقط الرجل والبندقية أرضا بقعقعة دوت أصداؤها، ثم أرجع رأسه إلى الخلف ساخطا وانطلق على طول الطريق كالريح. كانت هذه هي المرة الأولى التي يشعر فيها بجلدة سوط، ولم يغفر هذه الضربة. خشيت مارجريت أن تقابل عقبات أخرى على الطريق، فأدارت رأس حصانها نحو السياج ذي العوارض الأفقية، ووثبت بالحصان من فوقه كعصفور. وحين أصبحت في الحقل، حيث قد يعرضها الركض سريعا في الظلام لمخاطر شديدة، حاولت إبطاء السرعة لكن الحصان الصغير لم يطاوعها. وظل يهز رأسه غاضبا كلما فكر في الإهانة التي أنزلتها هذه الجلدة به، بينما كانت مارجريت تميل عليه وتحاول أن تبرر له فعلتها وتطلب العفو عن إساءتها. عبرت السياج الثاني بوثبة رشيقة بلا أي تعثر، ولم يتعثر الحصان سوى مرة في الحقل التالي لكنه سرعان ما تعافى وواصل الركض بنفس السرعة الخرقاء. ثم عبرا السياج التالي بوثبة شجاعة مبهرة أوصلتهما إلى الطريق الجانبي على بعد نصف ميل من منزل الطبيب. ارتأت مارجريت عدم جدوى محاولة مصالحته إلى أن بلغت وجهتها. توقف الحصان هناك بشيء من الصعوبة، وضربت الفتاة ألواح النافذة العلوية، التي كان ساطعا من خلالها ضوء، بسوط الركوب. رفع الطبيب النافذة، وشرحت الفتاة له الموقف بسرعة.
قال لها: «سآتي معك في غضون لحظة.»
نزلت مارجريت من على السرج بانزلاقة سريعة، ووضعت ذراعيها حول عنق الحصان الذي كان يرتعش. فأعرض جيبسي عنها واستنشق الهواء بكرامة مهانة.
صاحت شبه باكية وهي تداعب العنق الناعم اللامع لصديقها المستاء: «لقد كان عارا مخزيا يا جيب، كان كذلك حقا، ولكن ما الذي كان بوسعي فعله يا جيب؟ لقد كنت أنت حامي الوحيد، وقد طرحته أرضا بطريقة رائعة، لم يكن بإمكان أي حصان آخر أن يفعل ذلك بهذه الإجادة. أعرف أن ذلك شيء شرير، لكني آمل أن تكون قد أصبته، فقط لمجرد أنني اضطررت إلى ضربك.»
ظل جيبسي غاضبا، وألقى برأسه إلى الوراء في إشارة إلى أن تودد امرأة ليس تعويضا كافيا عن ضربة سوط. كان الأشد إيلاما هو الإهانة وليس الوجع، لا سيما أنها جاءت بيديها. «أعرف ... أعرف شعورك تماما يا جيبسي العزيز، ولا ألومك على غضبك. ربما كان من المفترض أن أتحدث إليك قبلها بالطبع، ولكن لم يكن لدي وقت للتفكير، وهو من كنت أضربه في الواقع. لذا نزلت الضربة بهذه الشدة. لو كنت تفوهت بكلمة واحدة، كان سيتنحى عن الطريق لأنه كان جبانا، ثم كان سيقتلك بالرصاص ... يقتلك أنت ... أنت يا جيبسي! تخيل ذلك!»
Bog aan la aqoon