385

راى أهل الجزائر أن ملك تلمسان لا يستطيع أن ينجدهم، وأن ملك بجاية يستطيع أن يضرهم كثيرا، فقد قدموا لهذا الأخير خضوعهم وضريبتهم، ولكنهم ظلوا أحرارا نوعا ما. وبعدئذ سلحوا بعض المراكب للقرصنة وتحولوا إلى قراصنة، وهكذا راحوا يغيرون على جزر إبيزا ومايورقة ومينورقة، وحتى السواحل الأسبانية.

ولهذا السبب أرسل الملك الكاثوليكي فرديناند أسطولا عظيما لمحاصرة الجزائر.

فبنى هذا الأسطول فوق جزيرة صغيرة صخرية، وفي مواجهة المدينة تماما، بنى قلعة جميلة وكبيرة وقريبة جدا، فكان الرمي يصيب الأرض، حتى إن رمي المدفعية كان يمر من فوق اسوار المدينة، من سور لآخر (112).

ونتيجة لذلك اضطر سكان الجزائر لإرسال سفارة إلى أسبانيا لاقتراح هدنة مدتها عشرة أعوام مقابل دفع جزية معينة رضي بها الملك (113)، وهكذا ظلوا في سلام مدة بضعة أشهر.

وفي هذه الأثناء جاء بربروس وحاصر بجاية (114)، وبعد أن احتل قلعة من بناء الأسبان، أحكم الحصار أمام الأخرى. ولكن ذلك لم يؤد إلى نتيجة لأن كل قبائل الجبل التي هرعت لمساعدته، تخلت عنه بدون استئذان في موسم البذار، وفعل الكثير من جنود الأتراك نفس الشيء (115). واضطر بربروس للهرب؛ ولكن قبل أن يذهب أشعل بيده النار في اثني عشر زورقا كانت راسية في النهر على مسافة ثلاثة أميال من بجاية. والتجأ مع أربعين من جماعته إلى قصر جيجل الذي يقع على مسافة ستين ميلا (116) وظل فيه بعض الوقت (117) وفي هذه الفترة مات الملك الكاثوليكي (118) ورغب

Bogga 409