============================================================
مسالة (25) في شرح الحكمة وبيانها قلت: رحمك الله، رجل يقوم الحق في قلبه، وضرب الأمثال في صدره، وبصائر الهدى عند عقله، يراه ويعلمه، ولا يحسن آن يصفه بلسانه، أي مقام هذا، وأي حالة، وأي شيء أوصله إلى هذا؟
قال : أرجو أن يكون هذا الرجل قد قارب إصابة الصواب، ومرت سحائب الحكمة على فهم جسمه، فأمطرت قلبه شربا ينبت به العشب .
إن الحالة التي أوصلته إلى هذا استعمال الصدق، وعزوف النفس عن الدنيا ولذاتها، وحفظ القلب والجوارح، وترك ما لا يعفي، وجمع الهم، وتلقي الفهم عن دواعي الحق، وهذا ميراث الزهد في الدنيا، وقد شابه ومازجه روح اليقين(1).
وقال النبي : " إذا رأيتم العبد يزهد في الدنيا فاقتربوا منه، فإنه يلقى الحكمة "(2). وقال : " إذا زهد العبد في الدنيا ورث ثلاث خصال : عزا (1) أجمع السلف من الزهاد على ان الزهد هو باب الحكمة. ولكن هنا عنصرين الى جانب الزهد، هما: جمع الهمة، وتلقي الفهم عن دواعي الحق. وهذا هو الاستجماع والاستمداد والتوج القلبي الى الله وادامة هذا الاستجماع والتوجه تستنزل المعارف الإلهية أنظر مقدمة (شفاء السقام للسكي) للشيخ محمد بخيت (2) حديث "إذا رايتم العبد يزهد في الدنيا" : أخرجه أحمد في الزهد عن انس، وابن المبارك في الزهد أيضا عنه
Bogga 293