============================================================
قال : على قدر عقولهم، وما سمت إليه هممهم ، يا فتى لو أن رجلا أعطى أجرا ليعمل عملا يعبا، وآخر أعطي مثل هذا الأجر مرتين، وآخر أعطي مثل أجور هؤلاء بأجزاء كثيرة، لعلهم كانوا يستوون عندك في العمل ؟
قلت : بين لي كيف ذلك ؟
قال : كل واحد منهم يزداد في صبره، وينشط في عمله، على قدر معرفته بكثرة العطاء . وكذلك الصابرون إذا استوطنوا الصبر، وتفاوتوا منه على قدر المعرفة، واتساع العلم بعظيم ثواب الله عز وجل وعطاياه على قدر علم القلب، كذلك يقدر على احتمال المؤن لسرعة العواقب، وانقضاء الأتعاب (4) قلت : صف لي حالة تزيد في قدر صبري، وتزيل عني الجزع.
قال : تعلم أن الله ناظر إليك في صبرك على احتمال المؤن، وأنك بعينه، وقد روى في بعض الأخبار أن الله عز وجل يقول : " بعيني ما يتحمل المتحملون من أجلي، وما يكابد المكابدون في طلب رضائي، اتراني اضيع لهم عملا، أو أنسى لهم اثرا، وكيف وأنا ذو الجود، أجود بفضلي على المولين عني، فكيف بالمقبلين علي" .
قلت: رحمك الله، إن طريق الصبر طريق قل من يسلكه، فصف لي منه ما أتقوى به عليه قال : أما سمعت قول الحكيم حيث يقول: رضيت وقد أرضى إذا كان مسخطي من الأمر ما فيه رضى من له الأمر واشجيت آيامي بصبر حلون لي عواقبه والصبر مثل اسمسه صبر (9) بل يكفي قوله تعالى : (إنا يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) (الزمر: 10) حافزأ على احتمال أعظم البلايا بصبر جميل وكذلك قوله تعالى : ( وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها الا نو حظ عظيم) (فصلت : 25) وقول : (وهسى آن تكرهوا شيئا وهو خير لكم (البقرة : 216) والعلم بأن كل ثقيل على النفس فيه نعمة خفية من الله يدفع المؤمن الى الرضا بكل ما يرد عليه من الله.
Bogga 273