============================================================
قال : على قدر صحة العقول، وتوحش الدنيا في القلوب، وقوة العلم الذي يبعث على الهجوم على الغزوف عن الدنيا، وعلى قدر معرفتهم بسوء عواقبها، وسرعة فنائها، وكثرة ضررها، وفساد عللها، وعلى قدر ما استولى على القلوب من الهيبة لله عز وجل فيما حذر منها، وعلى قدر قصر الأمل فيها.
قلت: وماتصحيح ما وصفت من تفاوتهم ؟
قال: تفاوت الزاهدين على قدر صحة العقول، وطهارة القلوب .
فافضلهم: أعقلهم، وأعقلهم أفهمهم عن الله عز وجل، وأفهمهم عن الله عز وجل : أخوفهم من الله، وأخوفهم من الله تعالى : أحسنهم قبولا عن الله عز وجل، وأحسنهم قبولا عن الله عز وجل : أسرعهم إلى ما دعا الله إليه، وأسرعهم إلى ما دعا الله إليه أزهدهم في الدنيا، وأزهدهم في الدنيا: أرغبهم في الآخرة(5): فمن ثم تفاوتوا في العقول: قلت : فماغاية الزهد؟
قال : الزهد متفاوت في قلوب الزاهدين فكل رجل منهم زهده على قدر معرفته، ومعرفته على قدر عقله، وعقله على قدر ايانه فرجل استولى على قلبه وهمه كشف علم الآخرة، ونبهه التصديق على القدوم عليها، وتبين لقلبه عوار الدنيا، ودلته بصائر الهدى على سوء عواقبها، ومحبة اختيار الله على تركها، وموافقة الله عز وجل في العزوف عنها، فرحلت الدنيا عن قلب هذا الموفق.
(5) فكان الرغبة في الآخرة أساس الزهد والعلم والعقل والخوف وكل الصفات الحسنة . والرغبة في الآخرة ارشد إليها المحاسي في كتابيه (التوهم) و(معاتبة النفس) : عن طريق التخويف: والترهيب . والزهد في الناس ارشد اليه في كتابه (آداب النفوس) في باب حسن الظن بالنفس وأنظر في التتفير من حب المشزلة والمدح عند الناس (آداب النفوس) باب النية والإرادة.
و(الوصايا) باب المدح والذم.
Bogga 247