240

============================================================

بنفسه عن خدمتها، فاستحيا من الله عز وجل آن يراه خادما لها، فرمى بها عن قلبه، وانقطع إلى خدمة سيده، وتعزز بلك ربه، فرحلت الدنيا عن قلبه، إذ علم أن في خدمته لها شغلا عن خدمة غيره، فأليسه الله رداء عمله، واستغنى بخروج خوف الفقر من قلبه، ونفى التعب في ثبوت أسباب الحيلة عن نفسه، فأعتقها من رق عبوديتها، واعتز أن يكون خادما لها بعزة العزيز الذي أعزه بالاعتزاز عنها(4).

فصار غنيا من غير مال، وعزيزا من غير عشيرة، وجرت ينابيع الحكمة ن قلبه، ونفذت بصيرته، وسمت همته، وقرب من حبته، وقطع عن نفسه أسباب حيلته، ووصل الوهم إلى منتهى منيته، فتراقى (5)، وارتفع، ووصل الى روح الفرج من هموم الأطماع، وعذاب الحرص: قلت : ما علامة عذاب الحرص ؟

قال : الطمع فيما لا يستحقه، واشتغال القلب بما لا يناله(1) كما قال ابن (4) من هنا يتقرر : أن الزهد لا يكون في أصل الدنيا ، بل في العبودية لها ، والحرص عليها . ومن هنا احتلفوا في تحديد معنى الزهد . فبعضهم يرى الاحتياط وسد الذرائع بالترك وآخرون قالوا : اته : برودة وقع الأشياء على القلب بأن يستوى وجودها وعدمها . ومنهم المحاسبي، وبه قال الشيخ أحد زروق في (قواعد التصوف) . وبعضهم يرى أن الزهد هو: أن يستوي عندك الحجر والذهب، وقد علق أبو سعيد الخراز في كتابه (الصق)، فقال : ولم يتحقق ذلك إلا لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وقد أورد أبو نعيم في (الحلية 185/10) قولا يبين سبب ترجيحه الترك وقال في آحره : ووإذا لم يكن في تركها الا موافقة الله عز وجل في حب ما أحب ويغض ما أبفض لكفى، فلا شيء أهون عند الله من الدنيا، . وكذلك انظر ( الوصايا ، الباب الثالث) (5) تراقي : ارتقى وارتفع وسما.

(6) ومن هنا ينشأ : الحسد، والغل، والحقد، والبغي، والغش، والخداع، للوصول إلى ما طع فيه فإن وصل فعذاب الحرام وإلا فعذاب الفشل وكذلك انظر في فضائح الحرص كتاب الفقر من (الأمد الأقصى للدبوسي) ومعنى الطمع فيسا لا يستحقه : إن العبد لا يستحق على مولاه وخالقه شيئأ وعلى وجه الإيجاب 1 ومعنى اشتغال القلب بما لا يناله : شغل الوقت بما لا يمكن نيله عن طريق الحيلة المشروعة : والحق : أن الإنسان واصل إلى ما قسمه الله له بالسعي بالمشروع.

1

Bogga 240