============================================================
وعسى الأخاويض تكبر في آمره، فقوم يتعمقون عليه، ويعيبون له فعله، واخرون يحققون فعله، ويحسنون به الظن، كحسن ظنه بنفسه، وقوم مستور عنهم شأنه، كما كان عنه مستورا دواء نفسه، فهو مستور بالمختلفين إليه، شديد الإعجاب بالقابلين .
وعساه يحقق صدقهم، ويصح إخلاصهم، ويزين أفعالهم وأصحابه في ذلك مستورون عنه بحالتهم عنده، يعجيون بمنازلهم منه، فاتفقت أهواؤهم على تزكية بعضهم بعضا وبعد: فإن علا في الناس آمرهم، واضطرب الصوت بهم، وحمد بعض شأنهم، ووصلت النفوس إلى أمنيتها من إضطراب الصوت، وعلو الذكر، وكادت النفوس تستصغر من ليس من شأنهم، وتستجهل من جهل علمهم، وتزدري بمثل من لم يكن في مثل أحوالهم، وما يعلم القوم من ذلك [شيئأ] (1) من أنفسهم، قد دهوا وما يشعرون مكائد الشيطان للعلماء : وبعد : فإن قديم الحيل (2) يستقل لهم ما قد دهاهم به، فيجد لهم مكائد موبقات، وعساه يأق الكبير، والمنظور إليه منهم كهيئة الناصح له، فيخطر بقلبه أنك قد أوتيت حظا من العلم، وأخذت منه بحمد الله نصيبأ، فما لك والشهرة، والتعرض للفتنة، شأنك والعمل بما علمت .
ويحه !! لقد دهاه، وعرضه للهلاك، وما يشعر.
فعند ذلك ينفرد من أكابرهم في عصابة أتبعوه من أصاغرهم، فاعتزل اعجابا بما وصل إليه من العلم والعبادة، وما يشعر بإعجابه، ولا يشك أن الصواب في اعتزاله في قوله وفعله، ولا يعلم ما قد دهي به، فحينيذ يخالف الشيطان بين أهوائهم، ويفرق شملهم، ويشتت جمعهم، ويجعلهم احزابا، (1) ما بين المعقوفتين : سقطت من الأصول (2) اي : الشيطان.
Bogga 208