193

============================================================

واعلم أيها العابد: إن كنت في الأصل تريد الله عز وجل فأنت بعيد عن الصدق في أحوالك هيهات ما أقعدك عن الصادقين يا قوم : جاهدوا أنفسكم على بغض المدحة والرضى بالمذمة، فإنه بلغنا حديث - إن صح ذلك - من قول رسول الله - إنه لقاصم الظهور لأمثالنا - بلغنا عنه عليه السلام أنه قال: "ويل للصائم، ويل للقائم، ويل لصاحب الصدف إلا فقيل : إلا من يا رسول الله ؟ قال : إلا من تنزهت نفسه عن الدنيا وأبغض المدحة* (1) يا قوم : فمتى نصير إلى حب المذمة ونبغض المدحة، ووالله إن لم نسلم من حب المدحة وكراهية المذمة فإنا لله وإنا إليه راجعون نسأله العصمة والعفو والصفح والنجاة. إنه جواد كريم: يا قوم : فبمثل هذه الآداب فتقربوا إلى الله تعالى، فإن ذلك أبلغ في رضوان الله تعالى من العبادة مع الجهل بما وصفتا .

أصناف الناس عند المدح والذم اخواني : وبعد . فإن الناس في المدح والذم أصناف : فمنهم من يتمنى المدحة ويعمل بأنواع البر حيالها، فهذا هالك أو يتوب الله عليه ومنهم من لا يريد المدحة، فاذا بلي بها سبق السرور إليه، فجاهد على نفي ذلك من قلبه . فهذا في طريق المجاهدة يقع مرارا ويقوم مرة، ويرجي له الخير، وهو على خطر (1) حديث "ويل للصائم، : ذكره الغزالي في الإحياء 284/3، وقال العراقي : " لم أجمده هكذا ، وذكره صاحب الفرتوس من حديث أنس، بلفظ : * ويل لمن لبس الصوف فخالف فعله وله ولم يخرجه ولده في مسنده

Bogga 193