============================================================
فلو أتاك الوحي بأنك ممدوح عند ذي العرش، بالغ في المخافة والتقى، فتدبر أمرك وقل الحق . بماذا صرت ممدوحا في السماء، ولست لذلك أهلا؟ فإن جعلت آنك نلت ذلك بذات نفسك، وإستوجبته بفعلك لقد ادعيت عظيما(1). أيادي النعم لله عز وجل عليك، ولولاه لم تكن ممدوحا ولا مهديا: وجوب العمل في الشكر والإشفاق من سلب النعم : يا أخي : فالمنة لله عليك أعظم، وبذل المجهود لك في الشكر ألزم ، والوجل والإشفاق من زوال هذه النعمة عليك آكد وأوجب .
ويحك : إن عملت(2) في الشكر، واشفقت من سلب النعمة، فلك في ذلك شغل شاغل عن الفرح بمدح الباطل، فقد أشفقت الملائكة والأنبياء عليهم السلام، فقالوا: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتتا ...(3) .
فكيف وأنت مقصر في كثير مما يجب عليك، وانت والله مسؤول في القيامة مطلوب، فالحزن أولى بك من الفرح، ولا سيما بمدح الباطل والغرور.
الله هو المستوجب للمدح لا غيره : اخي : تدبر ما أقول لك من المستوجب عندك للثناء والمدحة، ألا زينك بالأفاعيل الجميلة، وحباك (4) بالخصال الممدوحة ؟
ومن تفضل عليك بالأيادي الجسيمة، والمنن العظيمة، والنعم المتواترة، والآلاء المحمودة المتظاهرة ؟
(1) هذه الكلمة : مشطوية في الأصل . ولولاها لا يستقيم المعنى: (2) في الأصل : إن علمت. تحريف.
(3) مورة : آل عمران، آية: 8 (4) في الأصل : حببك. خطا.
Bogga 180