Hampstead
كانوا يتجمعون حوله في شبابه الباكر ويهزءون به. غير أن طول قامته يخيل للناظر إليه أنه يعيش في عالم غير عالمنا، وأنه شامخ بعظمته. وما أبعد هذا عن الصواب؛ فإن هكسلي يتحدث إلى كل من يلقاه في سهولة وتواضع. وهو رجل شديد المرح، لا يتصف بالتزمت. وهو يستعمل في أحاديثه كثيرا من غريب اللفظ، لا لأنه يتكلف في الحديث، ولكن لأن الرجل غريب في تفكيره، وهو بحاجة إلى هذه الألفاظ يعبر بها عما يختلج في نفسه. وهو مولع بلقاء الشواذ من الناس، ومشاهدة الشاذ من المناظر؛ لأن به ميلا نحو الشذوذ.
وقد قاسى كثيرا وهو في طفولته من ضعف بصره، الذي كاد أن يفقده ويعيش ضريرا أعمى البصر. وقضى أياما كثيرة وحده في غرفة مظلمة لا يستطيع القراءة، ولا تقع عيناه على شيء، فانقلب إلى دخيلة نفسه يفكر فيها ويتأمل. وكان لهذه الفترة أثرها الكبير في كل ما كتب فيما بعد. وزال الخطر، واسترد الكاتب بصره، ولكنه لا يزال ضعيف النظر. وتعلم في أكسفورد، وفيها نشر بعض قصائده كما قدمت. وبعدما أتم دراسته في الجامعة اشتغل بالصحافة، ونشر عدة مقالات جمعها في كتابه «على الهامش»
On the Margin
ثم جمع بعضا من قصصه في كتاب سماه «السجن
Limbo »، وهو فاتحة عهد جديد في حياته الأدبية.
وبعد «السجن» مارس كتابة الرواية الطويلة، مستوحيا فيها الكاتب توماس بيكوك
Thomas
المعروف بسعة الاطلاع وبروح التهكم. وقد أخذ هكسلي عنه منهجه في الرواية؛ فلم يكن في يوم من الأيام روائيا بالمعنى الصحيح، إنما هو رجل واسع الاطلاع متهكم من الناس. وله قدرة عظيمة على القصة القصيرة، ولكنه حينما يحاول القصة الطويلة يتخذ من خياله الروائي وسيلة لبث آرائه.
وهو كاتب متنوع المواهب متنوع الموضوعات. يقول عنه أخوه جوليان
Bog aan la aqoon