تأليف
محمد مندور
مقدمة
تحدثنا في العام السابق عن الشعر بعد شوقي، فلاحظنا وجود تيارين كبيرين؛ هما تيار الشعر التقليدي، وتيار المجددين، وسايرنا كلا التيارين بعض الشوط، ولكننا لاحظنا بعدئذ أننا قد جاوزنا في الحديث الزمن الذي عاش فيه شاعران كبيران، لم يتحدد لكل منهما مكان في التيارين الكبيرين سالفي الذكر، وهذان الشاعران هما: ولي الدين يكن (1873-1921)، وإسماعيل صبري باشا (1854-1923).
ولم يكن ذلك لضعف في مكانتهما الأدبية، أو تفاهة في إنتاجهما الشعري، ولكن لأن كلا منهما كان في الواقع بمثابة جدول خاص ينساب إلى جوار التيارين الكبيرين، اللذين كانا يشغلان حقل الشعر عندئذ، ويصطرعان اصطراعا مستمرا، لا هوادة فيه، ولا رفق.
والواقع أن هذين الشاعرين لم يثيرا دويا في عالم الشعر العربي المعاصر، ولم يخوضا معارك، ولم يحاولا اجتذاب أنصار، وتكوين مدرسة أو مذهب في الشعر، وإذا كان من النقاد المحدثين من يرى أن إسماعيل صبري يدخل في تيار الشعر التقليدي،
1
بالرغم من ثقافته الفرنسية، وعمله في القضاء المختلط زمنا طويلا، بينما يعتبر ولي الدين يكن شاعرا مجددا في روحه وأسلوبه، إذا كان هذا هو رأي بعض النقاد، فإن الحقيقة الأكثر وضوحا هي ما سبق أن ذكرناه من أن هذين الشاعرين لم ينضم أي منهما إلى تيار من التيارين الكبيرين، اللذين اصطرعا، ولا يزالان يصطرعان في عالم الشعر العربي الحديث.
والواقع أن كلا من ولي الدين يكن، وإسماعيل صبري لم يحترف الشعر، ولم يجعل منه وكده، ولا اشترك في معارك الشعر والأدب، وإن اختلف باعث كل منهما على الموقف الذي وقفه منهما.
فأما إسماعيل صبري، فإننا لا نجد في تحديد موقفه من الشعر خيرا من اصطلاح إيطالي، انتقل من الإيطالية إلى غيرها من اللغات الأوروبية الحديثة ، كالفرنسية والإنجليزية وغيرهما، وهو لفظة ديلليتانتي
Bog aan la aqoon