Wajiz Fi Tafsir
الوجيز
Baare
صفوان عدنان داوودي
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٥ هـ
﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ من الربا﴾ نزلت في العباس وعثمان ﵄ طلبًا ربًا لهما كانا قد أسلفنا قبل نزول التَّحريم فلمَّا نزلت هذه الآية سمعها وأطاعا وأخذا رؤوس أموالهما ومعنى الآية: تحريم ما بقي دينًا من الرِّبا وإيجاب أخذ رأس المال دون الزِّيادة على جهة الرِّبا وقوله: ﴿إن كنتم مؤمنين﴾ أَيْ: إنَّ مَنْ كان مؤمنًا فهذا حكمه
﴿فإن لم تفعلوا﴾ فإن لم تذروا ما بقي من الرِّبا ﴿فأذنوا﴾ فاعلموا ﴿بحرب من الله ورسوله﴾ أَيْ: فأيقنوا أنَّكم في امتناعكم من وضع ذلك حربٌ لله ورسوله ﴿وإن تبتم﴾ عن الرِّبا ﴿فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون﴾ بطلب الزِّيادة ﴿ولا تُظلمون﴾ بالنُّقصان عن رأس المال
﴿وإنْ كان ذو عسرة﴾ أَيْ: وإن وقع غريم ذو عسرة ﴿فنظرةٌ﴾ أَيْ: فعليكم نظرةٌ أَيْ: تأخيرٌ ﴿إلى ميسرة﴾ إلى غنىً ووجود المال ﴿وأن تصدقوا﴾ على المعسرين برأس المال ﴿خيرٌ لكم﴾
﴿واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله﴾ يعني: يوم القيامة تُرَدُّون فِيهِ إِلَى اللَّهِ ﴿ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كسبت﴾ أي: جزاء ما كسبت من الأعمال ﴿وهم لا يظلمون﴾ لا ينقصون شيئًا فلمَّا حرَّم الله تعالى الرِّبا أباح السِّلَم فقال:
﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مسمى﴾ أي: تباعيتم بدين ﴿فاكتبوه﴾ أمرَ الله تعالى في الحقوق المؤجَّلة بالكتابة والإِشهاد في قوله: ﴿واشهدوا إذا تبايعتم﴾ حفظًا منه للأموال ثمَّ نسخ ذلك بقوله: ﴿فإن أمن بعضكم بعضًا﴾ الآية ﴿وليكتب بينكم﴾ بين المُستدين والمدين ﴿كاتب بالعدل﴾ بالحقِّ والإِنصاف ولا يزيد في المال والأجل ولا ينقص منهما: ﴿وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ﴾ أي: لا يمتنع من ذلك إذا أُمر وكانت هذه عزيمةً من الله واجبة على الكاتب والشَّاهد فنسخها قوله: ﴿وَلا يضار كاتب ولا شهيد﴾ ثمَّ قال ﴿كما علَّمه الله فليكتب﴾ أَيْ: كما فضَّله الله بالكتابة ﴿وليملل الذي عليه الحق﴾ أي: الذي عليه الدِّين يملي لأنَّه المشهود عليه فيقرُّ على نفسه بلسانه ليعلم ما عليه ﴿ولا يَبْخَسْ منه شيئًا﴾ أُمِرَ أَنْ يُقِرَّ بمبلغ المال من غير نقصان ﴿فإن كان الذي عليه الحق﴾ (أي: الدَّين) ﴿سفيهًا﴾ طفلًا ﴿أو ضعيفًا﴾ عاجزًا أحمق ﴿أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هو﴾ لخرسٍ أو لعيٍّ ﴿فليملل وليه﴾ وارثه أو مَنْ يقوم مقامه ﴿بالعدل﴾ بالصدق والحقِّ ﴿واستشهدوا﴾ وأشهدوا ﴿شهيدين من رجالكم﴾ أَيْ: من أهل ملَّتكم من الأحرار البالغين وقوله: ﴿ممن ترضون من الشهداء﴾ أَيْ: من أهل الفضل والدِّين ﴿أن تضلّ أحداهما﴾ تنسى إحداهما ﴿فتذكر إحداهما الأخرى﴾ الشَّهادة ﴿ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا﴾ لتحمُّل الشَّهادة وأدائها ﴿ولا تسأموا أن تكتبوه﴾ لا يمنعكم الضَّجر والملالة أن تكتبوا ما أشهدتم عليه من الحقِّ ﴿صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله﴾ إلى أجل الحقِّ ﴿ذلكم﴾ أَيْ: الكتابة ﴿أقسط﴾ أعدل ﴿عند الله﴾ في حكمه ﴿وأقوم﴾ أبلغ في الاستقامة ﴿للشهادة﴾ لأنَّ الكتاب يُذكِّر الشُّهود فتكون شهادتهم أقوم ﴿وأدنى أن لا تَرْتَابُوا﴾ أيْ: أقرب إلى أن لا تشكُّوا في مبلغ الحقِّ والأجل ﴿إلاَّ أن تكون﴾ تقع ﴿تجارة حاضرة﴾ أَيْ: متجرٌ فيه حاضر من العروض وغيرها ممَّا يتقابض وهو معنى قوله: ﴿تديرونها بينكم﴾ وذلك أنَّ ما يُخاف في النَّساء والتأجيل يؤمن في البيع يدًا بيدٍ وذلك قوله: ﴿فليس عليكم جناحٌ أن لا تكتبوها وأَشْهِدوا إذا تبايعتم﴾ قد ذكرنا أنَّ هذا منسوخ الحكم فلا يجب ذلك ﴿وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ﴾ نهى الله تعالى الكاتب والشَّاهد عن الضِّرار وهو أن يزيد الكاتب أو ينقص أو يحرِّف وأن يشهد الشَّاهد بما لم يُستشهد عليه أو يمتنع من إقامة الشَّهادة ﴿وإنْ تفعلوا﴾ شيئًا من هذا ﴿فإنه فسوق بكم﴾
1 / 193