Wejiga Kale ee Masiixa
الوجه الآخر للمسيح: موقف يسوع من اليهودية – مقدمة في الغنوصية
Noocyada
ولهذا؛ فإن المسيحية الغنوصية لم تنتج نصا مقدسا أو مجموعة نصوصية مقدسة، على طريقة المسيحية القويمة، وإنما نظرت إلى نصوصها باعتبارها تنويعات على خلفية الحقيقة الكلانية الخافية، التي لا يمكن إدراكها إلا من تعبيرات رمزية، تعين المريد في تجربته الروحية الخاصة التي تقوده نحو الانعتاق، وهذه التعبيرات الرمزية لم تجد ضيرا في الاستعارة من التقاليد الدينية والفلسفية السابقة عليها، واستخدامها بطريقة تسبغ عليها قيمة جديدة وتعطيها بعدا روحيا مختلفا.
إن الإطلالة الأولى على النصوص الغنوصية من شأنها توليد القنوط في نفس الباحث من إمكانية التوصل إلى صياغة مطردة ومنسجمة للفكر الغنوصي، ولكن البحث المتعمق فيها ما يلبث حتى يكتشف عددا من النواظم المشتركة والأفكار الرئيسية المتكررة التي من شأنها جمع شتات التصورات الغنوصية في بنية واحدة، بصرف النظر عن تعدد المدارس والتباين الظاهري لأفكار كبار المعلمين الغنوصيين، مما سوف نبسطه فيما يلي:
يقع مفهوم «الغنوص» أو «العرفان» في بؤرة عقائد وممارسات الغنوصيين. و«الغنوص» كلمة يونانية تدل على المعرفة بشكل عام
Gnosis ، ولها أشباه في عدد من اللغات الهند-أوروبية مشتقة من الجذر نفسه، مثل الكلمة السنسكريتية «جنانا»
Jnana ، والكلمة الإنجليزية
Know
بمعنى يعرف، و
Knowledge
بمعنى معرفة، ولكن المعرفة التي يسعى إليها الغنوصي ليست مما يمكن اكتسابه بإعمال العقل المنطقي وقرءاة الكتب وإجراء التجارب والاختبارات، وإنما هي فعالية روحية داخلية تقود إلى اكتشاف الشرط الإنساني، وإلى معرفة النفس، ومعرفة الله الحي ذوقا وكشفا وإلهاما.
هذه المعرفة هي الكفيلة بتحرير الروح الحبيسة في إطار الجسد المادي والعالم المادي الأوسع؛ لتعود إلى العالم النوراني الذي صدرت عنه، فالروح الإنسانية هي قبس من روح الله، وشرارة من نور الأعالي وقعت في ظلمة المادة، ونسيت أصلها ومصدرها، والإنسان في هذه الحياة أشبه بالجاهل أو الغافل أو النائم أو السكران. ولكن في أعماق ذاته هنالك دوما دعوة إلى الصحو عليه أن ينصت لها، ويشرع في رحلة المعرفة التي تحوله من نفس حيوانية أسيرة لرغبات وشهوات الجسد، إلى نفس عارفة أدركت روابطها الإلهية وتهيأت للانعتاق الذي يعود بها إلى ديارها، وعلى الرغم من أن هذه الدعوة إلى الصحو موجودة بشكل خافت لدى النفوس الغافلة، فإنها سمعت مثل دوي الرعد من فم المخلص الذي هبط من نور الأعالي وتجسد في يسوع الناصري.
Bog aan la aqoon