Waxyi iyo Xaqiiqo: Falanqaynta Mawduuca
الوحي والواقع: تحليل المضمون
Noocyada
ويحتوي على المنهج الفقهي ليس لتجميع الأحكام الشرعية كما هو الحال في علم الفقه حول محاور رئيسية، العبادات والمعاملات، بل لمعرفة مقاصد الأحكام وغاياتها، والحكمة منها والباعث عليها باعتبارها معايير للسلوك بعيدا عن الطابع التشريعي الصوري للفقه، الأوامر والنواهي، وكأن الإنسان مجرد آلة للتنفيذ بصرف النظر عن مشاعره ورغباته وميوله وبواعثه وحريته في الاختيار.
ويتضمن أيضا التفسير الكلامي العقائدي الذي يعرض لأصول العقيدة أو قواعد العقائد، وجود الله وخلق العالم وخلود النفس، كما تفعل التفسيرات الكلامية مثل الزمخشري والدخول في عقائد الفرق، دفاعا عن فرقة أو نقدا لفرقة أخرى، معتزلة أو أشعرية، سنية أو شيعية أو خارجية. فالعقائد ليست أشياء بل هي بواعث على السلوك. وليست موضوعا للجدل العقلي حول تصورات تقوم على التنزيه أو التشبيه وأحيانا التجسيم بل هي تحليل لأعماق النفس البشرية لمعرفة بواعث السلوك. فالعقائد تمثل تصورات عامة للحياة، للإنسان والمجتمع، للفرد والجماعة كما تفعل الأيديولوجيات الحديثة. تستنبط منها نظم سياسية واجتماعية واقتصادية. وهي معنى العبارة الشهيرة «الإسلام عقيدة وشريعة».
كما يحتوي على التفسيرات الفلسفية مثل الرازي دون الإيغال فيها حتى لا يبعد النظر عن العمل. وقد تغيرت الفلسفة من الفلسفة اليونانية القديمة التي تمت فيها التفسيرات الفلسفية الأولى إلى الفلسفة الحديثة التي ما زالت خارج التفسير باستثناء بعض النظرات هنا أو هناك في بعض التفسيرات الحديثة كمعلومات أو اكتشافات جديدة خاصة في العلوم الطبيعية. ومن هنا خرجت معظم التفسيرات العلمية للقرآن. يكفي أن يكون الإنسان في المجتمع وفي العالم وفي التاريخ.
كما يتضمن التفسيرات الصوفية التي تقوم على التمييز بين الظاهر والبواطن، بين الشريعة والحقيقة والطريقة، بين علم اليقين وحق اليقين وعين اليقين، بين أعمال الجوارح وأعمال القلوب دون إيغال في الباطنية بل بالعودة إلى العالم من جديد. فقد كان التصوف حركة مقاومة سلبية ضد مظاهر البذخ والترف والتكالب على الدنيا والصراع حول السلطة السياسية واستشهاد أئمة آل البيت ضد الأموية للعودة إلى الشرعية وأصول البيعة القائمة على العقد والشورى والاختيار.
تفسير اليسار الإسلامي هو استئناف للتفسيرات المعاصرة السياسية مثل «ترجمان القرآن» للمودودي، والاجتماعية مثل «تفسير المنار» للإمامين محمد عبده ورشيد رضا، والأدبية مثل «في ظلال القرآن» للشهيد سيد قطب، وهو ليس تفسيرا طائفيا لنصرة فرقة على فرقة في العقيدة أو في السياسة بل هو تفسير يجمع شتات الأمة دفاعا عن وحدة عقيدتها واطراد مصالحها العامة.
ويقوم منهج التفسير الجديد على أربع قواعد أسوة بقواعد المنهج عند ديكارت أو بيكون: (1)
البداية بالشعور أو بالوجدان أو اللحظة أو الوقت بتعبير الصوفية أو العصر بتعبير الإصلاحيين. وهي لحظة الانفعال الحالية، ما يشعر به الناس سواء على مستوى الشعور أو اللاشعور. والشعور أخص من الإنسان. هي إحساسات الإنسان ومشاعره التي يصورها الأديب ويعبر عنها المفكر والفنان. «استفت قلبك وإن أفتوك». (2)
رصد حاجات الناس ومصالح الأمة كواقع إحصائي. من يملك ماذا؟ ومن يستهلك ماذا؟ ومن يسيطر على ماذا؟ ومن يقهر من؟ فلماذا يبعد الدين عن الحياة ولا يلبي القرآن المطالب الرئيسية للعصر؟ إن الحرمان الذي يعيشه الناس من عدم إشباع الحاجات الأساسية، الخبز الصحي، والماء النقي، والإسكان الكريم، واللباس العفيف، والصرف الصحي، والعلاج المجاني، والتعليم القويم؛ هو مادة التفسير الأولى. فالواقع قلب النص وبؤرته الأولى. الواقع مادة والنص صورة. مهمة المفسر وضع المادة في الصورة لتشكيلها وتحقيقها. (3)
إذا كان الشعور، القاعدة الأولى، والواقع الإحصائي الذي يكشف عن حاجات الناس هو الموضوع، القاعدة الثانية فإن علاقة الذات بالموضوع والتفاعل بين الشعور والواقع هي القاعدة الثالثة. ويعني ذلك تحويل هذا التفاعل إلى مشروع أو رؤية أو برنامج عمل. وتتكون عناصر هذا البرنامج طبقا لما سمي فقه الأولويات: الأرض نظرا للاحتلال، احتلال الأرض، والتنمية، الصحراء القاحلة، والأمة دفاعا عن وحدتها ضد التجزئة والطائفية والعرقية والقبلية والعشائرية، والفقر ضد التفاوت الشديد بين الأغنياء والفقراء، وضرورة إعادة توزيع الدخل، ووضع سياسة جديدة للأجور طبقا لقيمة العمل وحده، والقهر وثقافة السلطان والفراعنة الجدد دفاعا عن قول الحق في مواجهة السلطان الجائر، والشورى والديمقراطية ضد نظم الحكم التسلطية، والتقدم ضد التخلف، والإصلاح ضد الإفساد، والمبادرة الحرة والخيال السياسي ضد السكون والعجز والتبعية والملل السياسي. (4)
التجربة المشتركة مع القارئ وإشراكه في التفسير إلى أي حد يعبر عن حاجاته ويلبي مطالبه، ويحقق أمنياته، ويقضي على حرمانه، وينهي سلبيته، ويشركه في إعادة بناء ثقافته الوطنية، وإعادة تفسير كتابه. إلى أي حد يعبر التفسير الجديد عما يجيش في صدره، وما يخاف من الكشف عنه للقضاء على ازدواجية الخطاب والشخصية والفصام بين القول والعمل دفاعا عن الصدق في القول والإخلاص في العمل؟ فإذا وعى القراء فإنهم يتحولون إلى وعي جمعي وكتلة تاريخية تساهم في عملية التغير الاجتماعي، وتشارك في صنع التقدم التاريخي. وبالتالي تتحرك الأمة، وتعود إلى مسارها في التاريخ لتنهض في دورة حضارية ثانية، تنهي بها عصرها الوسيط، وتبدأ بها عصورها الحديثة. (2) النص والواقع
Bog aan la aqoon