Waxyi iyo Xaqiiqo: Falanqaynta Mawduuca
الوحي والواقع: تحليل المضمون
Noocyada
لا تعني وحدة الأمة بالضرورة وحدة سياسية كما كان الحال عند القدماء في نظام الخلافة بل تعني اللامركزية التي طالما دافع عنها المصلحون. وقد تعني الفيدرالية أي سلطة مركزية في الدفاع والخارجية، وسلطات محلية في التنمية والحكم المحلي، جمعا بين العام والخاص. وقد تكون تعاونا إقليميا بين دول الجوار مثل مجلس التعاون الخليجي ومجالس التعاون بين كل دولتين جارتين قريبتين مثل مصر وليبيا، مصر والسودان، مصر والأردن، مصر والسعودية، أو بعيدتين مثل مصر وتونس، مصر والجزائر، مصر والمغرب، مصر والعراق، مصر وسوريا. فمصر باستمرار هي أحد الأطراف بدلا من الشكل القديم للوحدة المركزية بقيادة الدولة القاعدة.
لا تعود وحدة الأمة إلا تدريجيا ابتداء من وحدة الأقطار والحوار الداخلي بين تياراتها المختلفة في جبهة وطنية أو ائتلاف وطني مع اتفاق على الحد الأدنى على البرامج الوطنية. ثم تبدأ وحدة دول الجوار مثل الوحدة المدنية بين الشمال والجنوب، وحدة سياسية في دولة مركزية واحدة. ثم تأتي وحدة مجالس التعاون مثل مجلس التعاون الخليجي كنوع من الفيدرالية. ثم تأتي مجالس التنسيق والتعاون بين دولتين، قريبتين أم بعيدتين كما تفعل مصر. ثم تأتي الوحدة الإسلامية في النهاية، في صورة عالم إسلامي متفق في الأهداف. يكون كتلة تاريخية كبيرة مثل باندونج، العالم الثالث، عدم الانحياز، دول القارات الثلاث.
ليست الوحدة شعارات أو تمنيات. بل هي وحدة عملية تتحقق في الواقع ويشعر الناس بآثارها وأهميتها ونفعها وصلابتها. تتحقق بفتح الحدود، ورفع الحواجز الجمركية، وحرية التجارة، وإلغاء تأشيرات الدخول في «شنجن» عربي. فالعرب يتمتعون بالشنجن الأوروبي، ويمنعون بالساعات في مطاراتهم أو يرحلون حيث أتوا حرصا على الأمن. وقد كانت السوق العربية المشتركة في أوائل الخمسينيات أسبق من السوق الأوروبية المشتركة. وقد تستطيع معاهدة الدفاع العربي المشترك أن تمنع من غزو الأقطار، واحدا تلو الآخر كما حدث في العراق وفلسطين. قرارات كثيرة وتحققات قليلة. كلام كثير وأفعال قليلة،
يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون . (2) التنمية المستدامة
إذا كانت القضية الأولى في اليسار الإسلامي تحرير الأرض من الاحتلال، والثانية تحرير المواطن من القهر، والثالثة العدالة الاجتماعية ضد فقر الأغلبية وثراء الأقلية، والرابعة الوحدة ضد مخاطر التجزئة والتقسيم الطائفي المذهبي والعرقي، فإن القضية الخامسة هي التنمية المستدامة.
والمصطلح غربي، من الدراسات التنموية الحديثة بعد صعود العالم الثالث إثر حركات التحرر الوطني، وأخذه مكان الصدارة، وأغلبية الأصوات في الأمم المتحدة، وثلثي سكان العالم. ولا يعني لفظ «التنمية» مجرد النمو الاقتصادي الكمي أي تنمية الموارد، بل يعني أساسا التنمية البشرية أو التنمية الشاملة. فالإنسان هو الهدف الأول من التنمية، تنمية الإدراك والقدرات الذهنية والبواعث النفسية من أجل التوجه نحو الطبيعة، ووجود الإنسان في العالم، ويتم الفعل والإنتاج والعمل والكد والكدح والسيطرة على مظاهر الطبيعة من خلال التعرف على قوانينها.
وهي التنمية المستدامة أي التي تعتمد على ذاتها وليس على المعونات الخارجية التي تنضب بالتوزيع دون إيجاد وسائل للاستثمار وتحويلها من كم إلى كيف، من توزيع إلى إنتاج. هي التنمية التي تولد ذاتها بذاتها مثل التيسير الذاتي، تنمية الإنتاج وليس تنمية الاستهلاك. وهي التنمية التي تحققت في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية عن طريق مشروع مارشال، وفي اليابان لإعادة بنائها بعد تدميرها في الحرب، وفي كوريا الجنوبية وماليزيا والصين والهند، اعتمادا على القدرات الذاتية ووضع خطط للتنمية المستمرة بعد الدفعة الأولى.
والهدف من التنمية المستدامة تحرير الإرادة الوطنية من الاعتماد على الخارج ودون ارتهانها بالمعونات الأجنبية المشروطة بالدخول في أحلاف مع الدول المانحة أو إقامة قواعد عسكرية، برية وبحرية على أراضيها. فالطعام لا يستورد وإلا جاع الشعب في حالة الحصار. والأمة التي لا تأكل مما تنتج تظل أسيرة لمصادر طعامها، وأهمها القمح، فرغيف الخبر حاجة أساسية كالماء والهواء والتعليم والصحة والإسكان. تدعمه الدولة حتى تستطيع الطبقات الفقيرة شراءه بالأجور المحلية التي لا تستطيع مجاراة الأسعار العالمية.
وتدخل التنمية المستدامة ضمن إعمار الأرض وتأسيس العمران في مفهوم الأرض في القرآن الكريم، فالأرض خضراء وليست صفراء. تخضر من نزول الماء عليها،
ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة . فالنبات الأخضر من فعل الطبيعة بنزول الماء على الأرض ومن فعل الإنسان بزراعة الصحراء،
Bog aan la aqoon