هذه السماء فوقنا في كل مكان، غير أن العجيب أن أكثر الناس يرحلون إلى المصايف ليروا أشياء، منها السماء.
إذا استقبلتَ العالم بالنفس الواسعة رأيت حقائق السرور تزيد وتتسع، وحقائق الهموم تصغر وتضيق، وأدركت أن دنياك إن ضاقت فأنت الضيق لا هي.
في الساعة التاسعة أذهب إلى عملي، وفي العاشرة أعمل كَيْت، وفي الحادية عشرة أعمل كيت وكيت؛ وهنا في المصيف تفقد التاسعة وأخواتها معانيها الزمنية التي كانت تضعها الأيام فيها، وتستبدل منها المعاني التي تضعها فيها النفس الحرة.
هذه هي الطريقة التي تصنع بها السعادة أحيانًا، وهي طريقة لا يقدر عليها أحد في الدنيا كصغار الأطفال.
إذا تلاقى الناس في مكان على حالة متشابهة من السرور وتوهمه والفكرة فيه، وكان هذا المكان معدًّا بطبيعته الجميلة لنسيان الحياة ومكارهها، فتلك هي الرواية وممثلوها ومسرحها١، أما الموضوع فالسخرية من إنسان المدينة ومدنية الإنسان.
ما أصدق ما قالوه: إن المرئي في الرائي. مرضت مدة في المصيف، فانقلبت الطبيعة العروس التي كانت تتزين كل يوم إلى طبيعة عجوز تذهب كل يوم إلى الطبيب.
_________
١ يظن صديقنا العلامة الكبير الأمير شكيب أرسلان أن المسرح لدار التمثيل غير صحيح، وأن صوابها المزرح ولكن الصاحب بن عباد استعملها في قريب من معنى دار التمثيل، وأصلها من مرادفات نديّ القوم ومجتمعهم.
1 / 46