الربيع:
خرجتُ أشهد الطبيعة كيف تُصبح كالمعشوق الجميل، لا يقدم لعاشقه إلا أسباب حبه!
وكيف تكون كالحبيب، يزيد في الجسم حاسة لمس المعاني الجميلة!
وكنتُ كالقلب المهجور الحزين وجد السماء والأرض، ولم يجد فيهما سماءه وأرضه.
ألا كم آلاف السنين وآلافها قد مضت منذ أُخرج آدم من الجنة!
ومع ذلك، فالتاريخ يعيد نفسه في القلب؛ لا يحزن هذا القلب إلا شعر كأنه طُرد من الجنة لساعته.
يقف الشاعر بإزاء جمال الطبيعة، فلا يملك إلا أن يتدفق ويهتز ويطرَب.
لأن السر الذي انبثق هنا في الأرض، يريد أن ينبثق هناك في النفس.
والشاعر نبي هذه الديانة الرقيقة التي من شريعتها إصلاح الناس بالجمال والخير.
وكل حُسن يلتمس النظرة الحية التي تراه جميلًا لتعطيه معناه.
وبهذا تقف الطبيعة محتفلة أمام الشاعر، كوقوف المرأة الحسناء أمام المصور.
لاحت لي الأزهار كأنها ألفاظ حب رقيقة مغشاة باستعارات ومجازات.
والنسيم حولها كثوب الحسناء على الحسناء، فيه تعبير من لابسته.
وكل زهرة كابتسامة، تحتها أسرار من معاني القلب المعقدة.
أهي لغة الضوء الملون من الشمس ذات الألوان السبعة؟
أم لغة الضوء الملون من الخد؛ والشفة؛ والصدر؛ والنحر؛ والديباج؛ والحِلَى؟
وماذا يفهم العشاق من رموز الطبيعة في هذه الأزاهر الجميلة؟
أتشير لهم بالزهر إلى أن عمر اللذة قصير، كأنها تقول: على مقدار هذا؟
1 / 32