وإذا كان أعظمها هو إحياء الميّت يحتمل ما ذكروا من التأويل، فما القول فى شفاء المرضى وإخراج الشياطين الذى يكثر وقوع مثله فى كل زمان، والأطباء كلهم يقولون إن ما يدعيه العوام من دخول الشياطين فى أجساد الناس ما هو إلا أمراض عصبية تشفى بالمعالجة أو بالوهم والاعتقاد، ودونها مسألة الخمر والسمك ويبس التينة «١».
_________
(١) خلاصة عجينة التينة أنه جاع وهو خارج من بيت عنيا إلى أورشليم مع تلاميذه فرأى شجرة تين مورقة فجاءها لعله يجد فيها شيئا يأكله فلم يجد فيها شيئا «لأنه لم يكن وقت التين فلعنها قائلا لها: «لا يأكل أحد منك ثمرا بعد إلى الأبد»، ولما رجعوا من أورشليم رأوا التينة قد يبست فقال له بطرس: يا سيدى انظر التينة التى لعنتها قد يبست إلخ (مرقس: ١١: ١١ - ١٤) فأجابهم بما خلاصته: إن هذه آية الإيمان وأن كل مؤمن يقول لأى شىء «كن» وهو يؤمن أنه يكون فإنه يكون ولو كان أمرا للجبل أن يزول من مكانه».
وفى هذه العجيبة نظر من ثلاث جهات: (الأولى): أن منكر الآيات يقول إنه يجوز أن تكون التينة يبست بسبب مادى فى أثناء وجود المسيح وتلاميذه فى أورشليم.
(الثانية): أن الروحيين من فلاسفة الهندوس وغيرهم يقولون إن كل من كان روحانيا قوى الإرادة يكون له مثل هذا التأثير فهو من خواص النفس، وهذا بمعنى قول المسيح لهم فى تأثير الإيمان، وهو ينافى أن يكون بتأييد من الله خارق للعادات الكسبية الدالة على أن من جرت على يده على الحق.
(الثالثة): أن الناس ينقلون مثل هذا فى كل زمان، ومن ذلك ما نقلته جريدة المقطم فى عددها الذى صدر بتاريخ ٤ رمضان من عامنا هذا (١٣٥٢) الموافق ٢١ من ديسمبر ١٩٣٣ مترجما عن كتاب لطبيب اسمه الكسندر كان فى بلدية لندن له منصب معروف فى مستشفى الأمراض النفسية أنه ألف كتابا فى الشهر الماضى اسمه (العالم غير المنظور) تكلم فيه عن التنويم المغناطيسى والسحر الأسود وغيرهما من
(علوم الغيب)، ذكر فيه رحلته إلى الهند والتبت وما رأى فيها من المناظر المدهشة (ومنها شجرة تين تذبل بأمر رجل، وجثة فقدت الحياة مدة سبع سنوات تعاد إليها الحياة).
ثم نقل عن هذا الكتاب فى تفصيل عجيبتى إماتة التينة وإحياء الإنسان نبأ قاض إنكليزى اسمه مكردى أنذره أنه سيقتل قبل مرور سبع سنين برصاص بندقية تطلق عليه بأمره وكان الأمر كذلك، وأن المؤلف سمع هذا الخبر من «اللاما» أى كاهن التبت الأكبر ثم قال المقطم ما نصه بعد العنوان:
إماتة الصوفى الهندى للتينة كالمسيح ويتكلم الطبيب فى كتابه عن صديقه (البروفسور ...) ويقول عنه إنه يزور سريره كل ليلة وعمره مائة سنة ولكن منظره منظر رجل ابن أربعين. وقد صحبه مرة إلى شجرة تين فخاطبها صاحبها بعد قائلا: لقد أحسنت وقاومت عواصف الحياة وسليت نفسى وشفيتها. وقد آن وقت رحيلك عن عالم الغرور والعدم هذا فموتي الآن ولا تعودى إلى الحياة مرة أخرى. قال الطبيب فذبلت التينة حالا وسمح لى بفحصها أنا وغيرى لنتأكد موتها.
وقص حكاية الرجل الذى أعيدت إليه حياته إليه فقال:
إحياء اللاما كاهن التبت للميت
«كان اللاما الكبير على عرشه فدخل عليه جوق من الرهبان يحملون المشاعل فجلسوا فى حلقه واسعة
1 / 51