صورة آمال ...
صديقي رئيس تحرير البلاد
تفضلتم فطلبتم مني صورة العشماوي بك وصورة كريمته آمال وأستطيع أن أمن عليكم فأقول إن وقتي لم يكن يتسع لطلب هاتين الصورتين، فإني مشغول جدا، ويكفي أن تعرفوا أني أشغل مطبعتين من كبريات المطابع في بغداد، ولكني صحفي قديم، صحفي يعرف حقوق الزملاء، ويرى من واجبه أن يعينهم على حقوق صاحبة الجلالة كلما دعاه الواجب، وأنا أقدم إليكم صورة العشماوي بك، أما كريمته آمال فقد رفضت إعطاء صورتها بقوة وعنف، ودعاها أبوها إلى مطاوعتي فلم تجب، وتلطف فقال لها إن الدكتور زكي مبارك مصري كبير تجب طاعته فلم تطع، وأصرت على أنها فتاة لا ترضى عن نشر صورتها في الجرائد، ولو دعاها إلى ذلك ألف رجل من أمثال الدكتور زكي مبارك، فما رأيك يا صديقي إذا قدمت إليك من تلك الفتاة صورة قلمية هي أدق وأصدق من الصورة الشمسية، لتعرف أن الأدباء لا يسلم من «خيرهم» مخلوق؟
أنا أعرف أنها ستغتاظ، ولكن ماذا يضيرني من ذلك؟ هل تستطيع إفساد ما بيني وبين أبيها؟ هيهات! هل يضيع الحظ السعيد في امتلاك منطقة من قلبها الخفاق، وكيف وهي لا تزال طفلة وأنا أؤمن بأن المرأة لا تستطيع أن تنقل القلب من مكان إلى مكان إلا بعد الثلاثين؟
هاك، يا صديقي، صورة الآنسة آمال
فتاة غريرة بكلية الحقوق، لها وجه أسمر يشهد بأن السمرة قد تكون أكثر جاذبية من البياض، ولها لسان عذب يرشحها لأن تكون أفصح الفتيات، ولها فم يضمن كنزا ثمينا، ففيه ثنايا لؤلؤية قليلة الأمثال، وبالرغم مني أن أصرح بأني لا أملك التغزل بتلك الثنايا اللؤلؤية؛ لأن والد تلك الفتاة من أساتذتي، وللأساتذة على تلاميذهم حقوق، وإن كنت لا أدري كيف يكون التغزل من المحرمات.
والآنسة آمال على جانب عظيم من الذكاء، وما يسرني أن أشهد لها بذلك، ولكني مصور أمين.
وهي تجلس على المائدة في المكان الذي يقابل مكان أبيها فلا تدري لمن الصدر : أهو للأستاذ العشماوي أم للآنسة آمال!
ولو كان أبوها من أهل الغطرسة لقلت: إن المقادير تنتقم منه فتحكم فيه طفلة لا تملك غير صباحة الوجه وسلامة الذوق وقوة الذكاء، ولكنه رجل يمثل الأدب وطيبة القلب، فكيف جاز أن تتحكم فيه تلك الطفلة السمراء؟
ومن خصائص تلك الفتاة أنها تحب أباها حبا شديدا، ولكن محبتها إياه تتمثل في التمرد والعصيان، فهل تدرك بفطرتها أنه كان من عبيد الجمال في صباه؟
Bog aan la aqoon