191

Waxyiga Baqdaad

وحي بغداد

Noocyada

إن قالوا ذلك فالجواب عند الأستاذ الدكتور طه حسين، فهو يذكر جيدا أني نبهته إلى أن الاهتمام بدراسة شعر الشريف الرضي كان أولى من الاهتمام بدراسة شعراء القرن الثالث.

إن قالوا ذلك فالجواب عند نادي الموظفين بالقاهرة فقد طلب في سنة 1932 أن ألقى محاضرة عن أعظم شاعر في اللغة العربية، فكانت محاضرتي عن الشريف الرضي.

ابتدأت بالشريف الرضي على غير موعد، فقد رأيتني فجأة بين دجلة والفرات، فتذكرت أن قد جاء الأوان لدراسة هذا الشاعر الذي تعصبت له منذ أعوام طوال.

ويشهد الله وهو خير الحاكمين أني لم أفكر في إنصاف الشريف الرضي إلا يوم قدم لي الدكتور شريف عسيران نسخة من كتاب الأستاذ المقدسي عن أمراء الشعر في العصر العباسي، فأزعجني أن يهتم بأبي العتاهية وينسى الشريف الرضي، مع أن ديوان أبي العتاهية لا يساوي قصيدة واحدة من قصائد الشريف.

فمن شاء له هواه أن يزعم أن لي غاية في التعصب للشريف الرضي فليتق الله في نفسه، وليذكر أن الدكتور زكي مبارك لو كان أنفق نشاطه في الاتجار بالتراب لأصبح من كبار الأغنياء، ولكنه بلا أسف سيموت فقيرا لأنه أنفق نشاطه في خدمة الأدب العربي.

والأدب العربي خليق بأن يكون له شهداء، وأنا في طليعة أولئك الشهداء. •••

سيرى قراء هذا الكتاب أنني جعلت الشريف أفحل شاعر عرفته اللغة العربية، وقد سمع بذلك ناس فذهبوا يقولون في جرائد بغداد: أيكون الشريف أشعر من المتنبي؟

وأستطيع أن أجيب بأن الشريف في كتابي أشعر من المتنبي في أي كتاب، ولن يكون المتنبي أشعر من الشريف إلا يوم أؤلف عنه كتابا مثل هذا الكتاب.

والقول الفصل في هذه القضية أن المتنبي في بابه أشعر من الشريف، والشريف في بابه أشعر من المتنبي، وكل عبقري هو في ذاته أعظم الناس؛ لأن ميدانه لا يجاريه فيه أحد سواه، والشريف بهذا المعنى أفحل الشعراء لأنه جرى في ميدان سيظل فارسها السباق على مدى الأجيال.

وما الذي يضر أنصار المتنبي حين أقدم عليه الشريف؟

Bog aan la aqoon