وهل يستحيل النسيان على رجل مثلي؟ لقد عشت دهري أتقرب إلى الله بتدليل الملاح، ولا أدري ماذا أنفقت من مالي ومن شبابي، وكل ما أذكر من تفاصيل الحساب أنني كنت فتى كريما فلم أعرف الخيانة ولا الغدر ولا النميمة، ولو شئت لقلت إنني لم أعص الله قط، ولكن من يصدقني؟ وهل من معصية الله أن نتغنى بالوسامة والصباحة والجمال؟
ومعاذ الأدب أن أقول إنني رجل صالح، فالرجل الصالح هو الذي لا يؤذي أحدا أبدا، وأنا قد آذيت الأدباء، لعنة الله عليهم، ولكن يعزيني أنني راعيت الأدب مع الله فلم أقدم أية إساءة إلى وجه جميل، أما الأدباء فهم شياطين ودمهم مباح.
سيدتي
من أنت؟ ذكريني فقد نسيت.
أتكونين تلك الإنسانة التي جلست معي على الشاطئ في ليلة مقمرة وأعلنت أنها لا تثق بأمانتي ثم بكت وانصرفت؟ أتكونين تلك الإنسانة التي عبرت معي النيل في زورق ولامتني على عدم العناية بهندامي؟
أتكونين تلك الإنسانة التي كانت تداعبني مداعبة ثقيلة فتثنى على الدكتور طه حسين؟
أتكونين تلك الإنسانة التي كان وجهها يتدفق بالنور حين تراني، ثم ترفض أن أقبل يديها لنجرب كيف يكون أنس الروح بالروح؟
أتكونين تلك الإنسانة التي لطمتني بكتاب مدامع العشاق ثم داسته بقدميها لأعرف أني عاشق خائن لا يفهم آداب المحبين؟
أتكونين تلك الإنسانة التي عملت أني مدين فقدمت لي حليها لأسدد بها ديوني؟
أتكونين تلك الإنسانة الغادرة التي انتظرتها ساعة عند محطة الحمامات بمصر الجديدة لأتزود منها بنظرة قبل رحيلي إلى العراق ولم تحضر، واكتفت السفيهة ببرقية تهنئني بها على الوصول سالما إلى بغداد؟
Bog aan la aqoon