124

حسبي من الماء طعم غصته

حسبي من البدر مس جنته

والحسن حسبي، إن شئت، لوعته

طال عليها الزمان أو قصرا

المغنم المجهول

إذا اعتلجت بالنفس عاطفة قوية أثارت رواكدها واستفزت رواقدها فانكشف للإنسان من نفسه ما لم يكن يعرف، واختبر من قواه وطباعه ما كان خافيا عنه فصحح نظره في الحياة، وتغيرت بين يديه حقائق الأشياء فرآها كما ينبغي له أن يراها؛ لأن معرفة النفس مقياس معرفة الوجود، ومن أخطأ تقدير نفسه لم يصب في تقدير ما حوله؛ لأنه يقيس الأشياء بمقياس مختل مجهول. والحب أقوى العواطف وأعمقها تفتيشا في النفس، فهو ينبه فيها الإعجاب والعبادة والبغض والألم والغيرة والاحتقار والشفقة والقسوة وكل ما تشتمل عليه من حميد الخصال وذميمها، فإذا وقف الإنسان على حقيقة نفسه وقف على كل حقيقة يتاح له الوقوف عليها، وكان الجمال له معلما يستفيد منه ما لم يعلمه الجمال نفسه، ومنعما يهبه ما لا يملك، كالشموس والأقمار التي تضيء للعين المنظورات وهي بلا عين تبصر أو نفس تشعر، فإذا خسر الإنسان في الحب غرضا أراده ربح منه غرضا لم يرده، وكان ما جاءه من الربح عفوا أكبر مما توخاه عمدا، وهذا فحوى قولنا:

محضتني سر الحياة وسرها

خاف عليك جليله والضامر •••

لهجت بحسنك ألسن وخواطر

وصبت إليك جوانح ونواظر

Bog aan la aqoon