88

سأل السيد يودر: «حسنا، ما أخبار كلود؟» «لا يزال في حصن آر ... يتوقع أن يحصل على إجازة قبل أن يبحر. جاس، سأحتاج إلى أحد أبنائك كي يساعدني في زرع الذرة. علي التخلص من الحشائش الضارة التي انتشرت بشدة في الأرض.»

قال يودر بمزاج نكد: «بالطبع، يمكنني إرسال أي من أولادي ... إلى أن يصيبهم الدور في التجنيد.» «لن أقلق بشأن ذلك. قليل من التدريب العسكري مفيد للفتى. وأنتم تعلمون ذلك.» غمز السيد ويلر بعينه، وارتعش فم يودر المتجهم من أحد أطرافه.

لما أتى وقت العشاء ذلك المساء، شرح السيد ويلر لزوجته كل ما حدث في المحكمة حتى يمكن أن تنقله إلى كلود عندما تكتب إليه. السيدة ويلر، التي كانت دائما معلمة أكثر من كونها مدبرة شئون منزل، كانت تكتب خطابات بسرعة وسلاسة، وكانت خطاباتها الطويلة إلى كلود تحكي عن كل ما كان يحدث في الجوار. كان السيد ويلر يوفر معظم مادة تلك الخطابات. مثل باقي الرجال المتزوجين من مدة طويلة، بدأ السيد ويلر في حجب أخبار الجيران عن زوجته. ولكن منذ سفر كلود، فإنه كان يخبرها بكل شيء يعتقد أنه سيهم الفتى. وفي هذا الشأن، كتبت على نحو دقيق لكلود في أحد الخطابات تقول: «أبوك يخبرنا بأخبار أكثر كثيرا مما كان يفعل في السابق، وفي بعض الأحيان أعتقد أنه يحاول أن يأخذ مكانك.»

10

في الأول من يوليو، وجد كلود ويلر نفسه في القطار السريع المنطلق من أوماها، عائدا إلى البيت في إجازة مدتها أسبوع. لم يكن الزي العسكري مألوفا بعد في يوليو عام 1917. لم تتم عملية التجنيد الأولى بعد، والفتيان الذين هرعوا وجندوا كانوا في معسكرات تدريب بعيدة. ولذلك بدا الشاب، صاحب الشعر الأحمر والساقين الطويلتين المستقيمتين الملفوفة كل منهما بغطاء ساق، والكتفين العريضتين ذاتي المظهر المفعم بالحيوية والنشاط اللذين برزا في الزي العسكري المجسم المصنوع من قماش الكاكي؛ بارزا بين الركاب. حدق فيه الفتيان الصغار والشابات من فوق مقاعدهم، ووقف الرجال في الممر كي يتحدثوا معه، ولبست السيدات العجائز نظاراتهن، وتفحصن ملابسه وحقيبة أغراضه الضخمة المخيطة من القماش، وحتى الكتاب الذي أبقاه مفتوحا ونسي أن يقرأه.

كانت المناطق الريفية التي كان القطار يمر بها بسرعة على كلا جانبي الطريق مثيرة للاهتمام لعينيه الخبيرتين أكثر من صفحات أي كتاب. سره أن يمر بها في موسم الحصاد؛ الموسم الذي تكون فيه في أبهى صورها. لاحظ أن رقعة زراعة الذرة كانت أكثر من المعتاد؛ ذبل معظم قمح الشتاء الذي زرع بسبب الطقس، وحرثت الحقول في الربيع وزرعت مرة أخرى بالذرة. الحقول كساها اللون البني المحروق، ونما البرسيم الحجازي مرة أخرى بعد حشه للمرة الأولى. ماكينات الحصاد الحازمة والحصاد الدراسة كانت قابعة في حقول القمح والشوفان تحصد الغلال اليانعة بين أذرعها العريضة المغلوبة على أمرها. لما تباطأ القطار كي يشق طريقه على جسر يمر فوق حقل قمح، عمال الحصاد ذوو القمصان وبدل العمل الزرقاء والقبعات العريضة المصنوعة من القش توقفوا عن العمل كي يلوحوا للركاب. التفت كلود إلى الرجل العجوز الجالس في المقعد المقابل له. وقال: «عندما أرى هؤلاء الأشخاص، أشعر وكأنني استيقظت وأنا ألبس الملابس الخاطئة.»

بدا الرجل سعيدا وابتسم. «هل أنت معتاد على هذا الزي؟»

اعترف كلود: «أنا بالتأكيد لم ألبس غيره في شهر يوليو. عندما أجد نفسي راكبا قطارا في وسط موسم الحصاد أحاول أن أتعلم بعض الأفعال الفرنسية، أكون متأكدا من أن العالم انقلب رأسا على عقب!»

قدم له الرجل العجوز سيجارا وبدأ يسأله. مثل بطل الأوديسة وهو عائد إلى وطنه، كثيرا ما كان على كلود التحدث عن بلده وعن أبويه اللذين أنجباه. كان يقاطع بانتظام في مطالعته لكتاب العبارات الفرنسية (المكون من جمل مختارة الهدف منها معاونة الجنود في التواصل، مثل «لا، أنا لا أنظر إلى النساء أبدا») بسبب الأسئلة التي يطرحها عليه الغرباء الفضوليون. جمع الآن أغراضه، وصافح الرجل العجوز، وارتدى قبعته؛ قبعة ستيتسون القديمة نفسها ذات الحبل الذهبي والشرابتين الصلبتين اللتين تضيفان لتصميمها المخروطي الصلب. «سأنزل في هذه المحطة وأنتظر قطار الشحن الذي يذهب إلى فرانكفورت؛ القطار السريع، كما نسميه.»

تمنى له الرجل العجوز إجازة سعيدة وحظا موفقا في أيامه القادمة. ابتسم له كل من في العربة وهو ينزل على الرصيف حاملا حقيبة السفر في يد والحقيبة القماش في اليد الأخرى. كانت تقف صديقته القديمة الألمانية - السيدة فوكت - أمام مطعمها وتدق الجرس كي تعلن أن الغداء جاهز للمسافرين. تزاحم جمع من الأولاد الصغار حولها على الرصيف وهم يضحكون ويصيحون بكلام سخيف وبغيض. لما اقترب كلود خطف أحدهم الجرس من يدها، وجرى عبر قضبان السكك الحديدية ومعه الجرس، واختفى داخل حقل ذرة. تبعه الأولاد الآخرون وصاح أحدهم: «لا تدخل إلى هناك لتأكل أيها الجندي. إنها جاسوسة ألمانية، وستضع بقايا زجاج في غداءك!»

Bog aan la aqoon