85

شيء في نبرة صوته جعل ماهيلي تنهض، وعيناها ترمشان بسبب الدخان، وترمقه بنظرات حادة. سألت بقلق: «هل ستسافر إلى حيث تعيش السيدة إنيد؟» «كلا، يا ماهيلي.» وضع فرشاة الأحذية جانبا، ووقف وإحدى قدميه على الكرسي ومرفقه على ركبته، وأخذ ينظر من النافذة كأنه نسي نفسه. «لا، لن أسافر إلى الصين. سأسافر للانضمام إلى الحرب ضد الألمان.»

كان لا يزال يحدق للخارج في الحقول الرطبة. وقبل أن يكون بإمكانه أن يوقفها، وقبل أن يعلم ما كانت تنوي فعله؛ أمسكت يده التي لا تستحق التقبيل وقبلتها.

انتحبت قائلة: «كنت أعلم أنك ستنضم إلى الحرب. كنت أعرف دائما أنك ستفعل هذا، يا فتاي اللطيف! ماهيلي العجوز كانت تعلم بذلك!»

بدا على كل ملامح وجهها الناظر لأعلى إليه الانفعال الشديد؛ فمها وحاجباها وحتى التجاعيد على جبهتها من الأسفل بدا عليها الانفعال والتشنج. شعر كلود بضيق في حلقه وهو ينظر إلى ذلك الوجه بحنان؛ خلف العينين الشاحبتين وتحت جبهتها الصغيرة حيث لا يوجد مجال لأفكار عديدة، كانت هناك فكرة تجاهدها وتعذبها. وهي الفكرة نفسها التي كانت تعذبه.

تمتم وهو يربت على ظهرها ويذهب بعيدا: «ستكونين بخير يا ماهيلي. فلتسرعي الآن في إعداد الإفطار.»

همست: «هل أخبرت والدتك عن الأمر؟» «كلا، ليس الآن. ولكنها أيضا ستكون بخير.» أخذ قبعته ونزل إلى الحظيرة كي يعتني بالخيول.

لما عاد كلود وجد العائلة مجتمعة على مائدة الإفطار. تسلل إلى كرسيه وشاهد والدته وهي تحتسي أول كوب من القهوة. ثم خاطب والده. «أبي، لا أرى فائدة من انتظار التجنيد. إن لم يكن لك حاجة إلي، فأود أن أنضم إلى أحد معسكرات التدريب في أي مكان. أعتقد أنني قد أحظى بفرصة تكليفي بمهمة قتالية.» «ربما.» صب السيد ويلر قدرا كبيرا من شراب القيقب على فطائره. «ما رأيك في الأمر، يا إيفانجلين؟»

وضعت السيدة ويلر السكين والشوكة بهدوء. رمقت زوجها بنظرة يشوبها انزعاج غريب، بينما لم تسكن أصابعها عن الحركة باضطراب فوق مفرش المائدة.

أردف كلود مسرعا: «أعتقد أنني قد أسافر إلى أوماها غدا، وأعرف أين تقع معسكرات التدريب، وأتحدث مع المسئولين في مراكز التجنيد التطوعي.» ثم أضاف بصوت منخفض: «بالطبع قد لا يريدونني. أنا ليس لدي أدنى فكرة عن المتطلبات الخاصة بهذا الأمر.» «ولا أنا أيضا أعرف الكثير عن ذلك.» لف السيد ويلر الفطيرة العلوية ورفعها إلى فمه. بعد لحظات من المضغ، قال: «هل عزمت على السفر غدا؟» «أود ذلك. لن يشغلني أمر الأمتعة؛ لا أريد سوى بعض القمصان والملابس الداخلية في حقيبتي. إن كانت الحكومة بحاجة إلي فستعطيني ملابس.»

دفع السيد ويلر طبقه للخلف. «حسنا، يستحسن أن تخرج معي الآن كي نلقي نظرة على القمح. لا أعلم، ولكن الأفضل أن نحرث القطعة الجنوبية هذه ونزرعها ذرة. لا أعتقد أنها ستجني محصولا أفضل من ذلك.»

Bog aan la aqoon