202

Wahat Cumr

واحات العمر: سيرة ذاتية: الجزء الأول

Noocyada

الأمريكية، ثم ساد القارة كلها، حتى «تلوث» أخيرا بسبب الهجرة من أفريقيا!

وعندما فرغت من تأمل هذه الحقائق اتجهت إلى كتاب في التاريخ يؤكد نظرة الأستاذ المتخصص والموضوعي، وعندما قرأت بعد عودتي إلى مصر بعدة سنوات أن السلطات الكنسية العليا سمحت للملونين (بمعنى غير ذوي البشرة البيضاء) بأن يشغلوا بعض المناصب الكهنوتية فيما أصبح يسمى بحركة إعادة تنظيم الكنيسة عام 1978م، ذكرت ما نبهني إليه ماثيوز وتأكدت لي صحته من كتب التاريخ (لا أسفار المورمون). وفهمت أيضا سر إلغاء تعدد الزوجات (والأزواج) عندما تذكرت ما قالته إليزابيث عرضا من أن والدتها يهودية، وكان المفروض من ثم أن تكون يهودية، ولكنها فضلت حرية الروح، واعتنقت المورمونية، فأنجبت من زوجها المورموني أطفالا تحرروا من لون أمها الداكن، فتخلصوا من الرابطة «الشرقية».

وعندما قصصت ذلك كله على نهاد بعد عودتها أبدت دهشتها، ثم قالت مقولة ما تزال ترددها عندما أقص عليها قصصي: «إنت بتهتم بحاجات غريبة!»

الفصل السادس

سارة

1

قضيت شهرا أو شهرين أتنقل بين نصوص دراما القرن الثامن عشر، حتى تمكنت من تحديد النوع الأدبي الذي تنتمي إليه مسرحية «سكان الحدود» مع مقارنتها بمسرحيات روبرت سذي وكولريدج مثل الندم وسقوط روبيسبير ومسرحية اللصوص للكاتب الألماني شيلر التي أثرت في الشعراء الإنجليز، وانتهزت فرصة انشغال الإنجليز باحتفالات عيد الميلاد ورأس السنة فانغمست في الكتابة، ثم وصلني خطاب من نهاد تحدد لي فيه موعد عودتها فاستقبلتها في المطار ولم تكن تتحدث في طريق العودة إلى لندن هذه المرة إلا عن الموظفين في مصر وتعذر مغادرة البلد، رغم أن عبد الناصر رحمه الله كان قد بدأ يسمح بالهجرة لمن يريد، وجاءت معها بصحيفة الأهرام وفيها قرأت أن عدد الذين هاجروا من مصر عام 1968م بلغ 33 ألفا، وارتفع الرقم إلى 90 ألفا عام 1969م، ولم يكن أحد يدري عدد من سافروا أو هاجروا عام 1970م (ربما لأن الإحصاءات لم تكن قد اكتملت) ومعنى ذلك على أي حال هو أنه أصبح من الممكن مغادرة مصر.

وناقشتني نهاد مناقشة صريحة في موضوع الإنجاب؛ فهي على مشارف الخامسة والعشرين والأطباء ينصحون بعدم التأخر عن هذا السن، وكان أهل مصر قد تساءلوا ولا شك عن سر المنع؛ ومن ثم اتفقنا في يناير 1971م على ألا نتعمد المنع؛ فنحن نسكن شقة تسمح بوجود الأطفال، ولن يعترض أحد على وجودهم، بعد التشتت والتنقل في لندن، وقصت علي نهاد تفاصيل الأحوال في مصر، خصوصا على المستوى الشخصي، فعلمت أن فاروق عبد الوهاب سافر أخيرا إلى أمريكا بعد حصوله على الماجستير من مصر، وأن سمير سرحان وعبد العزيز حمودة أصبحا مدرسين في القسم، وأن سمير يكتب النقد المسرحي في «صباح الخير»، وحكت لي أخبار زواج (أو إعلان زواج) رشاد رشدي، وكان يخفي زواجه من السيدة ثريا أثناء وجودنا في مصر، وعندما تم الطلاق بينه وبين الدكتورة لطيفة الزيات وصلني منه خطاب قصير يقول إنه طلقها بناء على رغبتها. كما علمت كيف توالى على رئاسة تحرير مجلة المسرح صلاح عبد الصبور وعبد القادر القط قبل أن يتوقف صدورها؛ فالبلد رسميا في حالة حرب، والشعار الرسمي الآن هو الكفاح من أجل «إزالة آثار العدوان».

وحكت لي نهاد عن ولادة حاتم أكبر أبناء سمير سرحان يوم 5 يناير 1971م، وكيف زارت سميتها نهاد جاد في المستشفى، وحملت الطفل الجميل وقبلته، وقلت لها إننا نتمنى طفلة، وقالت ليتنا نرزق حقا بطفلة، وفي مارس أكد لها الطبيب أنها حامل ، وحدد لها أواسط ديسمبر موعدا للولادة، ولا أذكر من كان أول من اقترح تسمية الطفلة (إن كان المولود أنثى) بسارة، ولكننا لم نكن نختلف حول ذلك الاسم الجميل، وفي أبريل زارني أخي مصطفى (الدكتور مصطفى الآن) الذي كان في طريق عودته من موسكو إلى القاهرة، وأذكر حادثة طريفة تؤكد ما ذهبت إليه من اختلاف بين الثقافتين العربية والأوروبية.

كنا في القطار عائدين من لندن إلى ردنج حين وجدنا في المقصورة قبالتنا فتاتين إنجليزيتين تتحدثان بلهجة سكان الريف في مقاطعة باركشير

Bog aan la aqoon