وذكر الحافظ الذهبي في (العبر) أن حرقه كان من مسرجه القوام ثم دبت النار في السقف بسرعة آخذة قبلة وأعجلت الناس عن إطفائها بعد أن نزل أمير المدينة فلم يقدروا على قطعها، وما كان إلا أقل من القليل حتى استولى الحريق على جميع سقف المسجد الشريف واحترق جميعه حتى لم يبق خشبة واحدة.
قال القطب القسطلاني: وتلف جميع ما احتوى عليه المسجد الشريف من المنبر الشريف النبوي والأبواب والخزائن والشبابيك والمقاصير والصناديق وما اشتملت عليه من كتب وكسوة الحجرة وكان عليها أحد عشر ستارة.
ثم ذكر القطب لذلك حكما كثيرة وأسرارا عظيمة.
قالوا: ولم يسلم سوى القبة التي أحدثها الناصر لدين الله لحفظ ذخائر الحرم مثل المصحف الكريم العثماني وعدة صناديق كبار متقدمة التاريخ صنعت بعد الثلاثمائة وهي باقية إلى اليوم، وذلك لكون القبة المذكورة بوسط صحن المسجد وبركة المصحف الشريف العثماني ثم بقيت سواري المسجد قائمة كأنها جذوع النخل إذا هبت الريح تتمايل، وذاب الرصاص من بعض الأساطين فسقطت، ووقف السقف الذي كان على أعلى الحجرة المقدسة على سقف بيت النبي صلى الله عليه وسلم فوقعا جميعا في الحجرة الشريفة وعلى القبور المقدسة وبقي على حاله.
وعبارة الذهبي: فوقع بعض سقف الحجرة وكل ذلك قبل أن ينام الناس. واتفقوا كلهم على أن ما سقط باق على حاله. وقد روينا ذلك بالإسناد عنهم وأولهم المطري، وقد أدرك جماعة ممن أدرك الحريق وآخرهم الشيخ زين الدين المراغي، وقد أدركت جماعة ممن أدركه وروى عنه منهم ولده الشيخ الإمام محدث الحرم الشريف أبو الفرج، وقد ذكروا كلهم أنه لم يتفق بعد ماذكره الشيخ زين الدين وغيره تعرض لذلك إلى يومنا هذا.
... قال المؤرخون وأصبح الناس يوم الجمعة فعزلوا موضعا للصلاة وكتب بذلك للخليفة المستعصم بالله أبي أحمد عبد الله بن المستنصر بالله أبي جعفر المنصور فبعث الصناع والآلات مع الموسم، وابتدى في العمارة سنة خمس وخمسين وستمائة.
Bogga 98