وفي يوم 28 فبراير زار أحد محرري جريدة «توحيد أفكار» الرجل الذي يمثل حزب الكماليين في الآستانة، وهو علي بك العضو في المجلس الوطني الكبير. فسأله عن حقيقة ما عزم عليه الكماليون بشأن الخلافة وسائر الأوضاع الدينية، فقال النائب: «أنتم ترون أن تقويم هاشت المطبوع في باريس عن هذه السنة كتب عن الجمهورية التركية أن لها صفة إسلامية، وهذا يدل على أن أوروبا لا تزال تنظر إلى بلادنا وإدارتنا بهذا النظر؛ لذلك أؤكد لكم أنه قد آن أوان التوحيد في ثلاث مسائل: توحيد الإدارة بإزالة الخلافة ووزارة الأمور الشرعية، وتوحيد القضاء يإزالة المحاكم الشرعية، وتوحيد التعليم بإزالة المدارس الخاصة بالمشايخ.»
وقال شكري قايا آلب بك نائب «منتشا» في المجلس الوطني الكبير لمحرر جريدة «مستقل»: «إن بعض أعضاء المجلس يرون بعد إزالة الخليفة أن تكون الخلافة ممثلة في الشخص المعنوي للمجلس. وأنا ضد هذا الرأي. فإذا كان في العالم من يريدون الخلافة فليأخذوها.»
وفي 28 فبراير أرسل مكاتب «توحيد أفكار» تلغرافا من أنقرة قال فيه: «إن عددا كبيرا من حزب مصطفى كمال باشا وضع تقريرا يتضمن البراهين العلمية والتاريخية على أن الخلافة في الدين الإسلامي والتاريخ الإسلامي إنما هي إمارة وحكومة. من أجل ذلك هم يطلبون إلغاءها بتاتا وهم أقوى حزب في المجلس الوطني الكبير.»
وفي يوم 29 فبراير قال إحسان بك رئيس محمكة الاستقلال بالآستانة لمحرر جريدة «أقشام»: «إن الخلافة لم تنفع المسلمين بشيء في ثلاثة عشر قرنا مضت، وهي أيضا لم تنفع الترك بشيء من أيام السلطان سليم إلى الآن. وإن قوانيننا ومحاكمنا وحقانيتنا لمن لا يكون لها علاقة قط بالأحكام النقلية بعد الآن. ولا يوجد في حزب الشعب - الحزب الذي أسسه مصطفى باشا كمال - ولا رجل واحد يخالف هذه الحقائق.»
بعد ذلك اجتمع مصطفى باشا كمال وعصمت باشا بواصف بك نائب صاروحان، وشكري بك نائب أزمير، ومظهر مفيد بك نائب دنزلي، ومحمد أمين بك الشاعر، ورجب بك نائب كوتاهيه، وغيرهم من ألسنة حزب اللبرال القوية. وهنأهم مصطفى باشا بفوزهم في النضال الخطابي في المجلس الوطني وشكر لهم غيرتهم. ثم سألهم ماذا رأوا من لهجة الخصوم؟ وماذا شعروا من روح المجلس العمومية بعد هذه المناقشات؟ وهل حان الوقت للاقتراع على المشروع؟ فقالوا كلهم تقريبا: إن المشروع نضج في أذهان المجلس، وهيهات أن يجد معارضة ذات شأن. فقال مصطفى باشا: إني لا أزال أحسب حسابا لمعارضة فوزي ورءوف وغيرهما من زعماء المحافظين.
فقال واصف بك: نناقشهم حتى نخذلهم.
فقال واصف باشا: إنهم يطلبون منا إثبات اتهام الخليفة والأمراء بالخيانة.
فقال شكري بك: حينئذ نظهر أوراقنا ونقبض على الأمراء ونحاكمهم.
فنظر مصطفى باشا إلى عصمت نظرة كأنه يقول: إن شكري بك لا يفهم ما يقول؟ ولا يدري أن حججنا مؤسسة على الرمل.
فتدارك عصمت بك الحديث وقال: إذا دخلنا في تحقيق فلا نعود ننتهي. نحن نود أن نبت في المسألة عاجلا، فإذا لم نستطع التعجيل فشلنا.
Bog aan la aqoon