باغت ثلاثة من ضباط البوليس السريين منزل الممثلة دلزل أو الدوقة الروسية وفتشوه. فوجدوا عندها أوراقا هائلة الأسرار لم تبق شكا بوجود مؤامرة بين الأمراء، وهذه المرأة مركز المؤامرة. والظاهر أنها دوقة حقيقية ولها أغراض بعيدة لم تنجل تماما. وإنما لي الأمل أن التحقيق يجلوها. بين الأوراق التي وجدناها عندها رسائل ثورية ضد الجمهورية المقدسة من الأمراء: برهان الدين، وفريد، وناظم، وعبد الكريم، ونظام الدين. وقد وضعنا المرأة تحت الحفظ ريثما نرى ماذا يكون رأيكم!
عدنان
حاكم استمبول
ولما انتهى مصطفى من القراءة نظر إلى عصمت متهللا مبتهجا وقال: لقد تهيأ السبب الذي كنت أنتظره يا عصمت لإلغاء الخلافة. فهل تصبر بعد هذا؟ يجب أن نقبض على المشتبه بهم ونشرع بالتحقيق حالا. - لا تتسرع يا عزيزي مصطفى. لا نقبض على أحد الآن حتى ولا على المرأة. يكفي أن نجعلها تحت المراقبة. يجب أن نطلع على رسائل الأمراء التي تثبت التهمة عليهم، ثم نقرر هنا إن كنا نقبض عليهم أو لا. يجب أن نتجنب الضوضاء في أول الأمر. - إني ضد رأيك يا عصمت. يجب أن نضرب الضربة عاجلا، وإن تأنينا وجعلنا ندقق في كل شيء ضيعنا الفرصة. - لا أخالفك كثيرا. وإنما أود أن أنبهك لأمر، وهو أن الضربة التي تضربها يجب أن تهيئ لها الأفكار أولا، حتى يكون تيار عواطف الجمهور معها لا عليها. يجب أولا أن نستوثق من قيمة تقرير عدنان بك؛ لكي نعلم مبلغ أهمية هذه المؤامرة. وهذا يستلزم أن نطلع على الأوراق التي اكتشفوها عند هذه المرأة. وثانيا قبل أن نعلن اكتشاف هذه الدسيسة يجب أن نثير التيار في المجلس الوطني معنا. ثالثا نعلن أمر هذه المؤامرة تقريرا لمشروعنا. وحينئذ مهما عملنا كان عملنا مبررا وكان الجمهور معنا.
فقال مصطفى باشا: وإنما أخاف أن المطل في العمل يفضح التدبير.
فقال عصمت: لا تخف. ألق التبعة علي. أرسل الآن تلغرافا لعدنان واطلب الأوراق كلها حالا مع رسول خاص، ودعه يكتفي بمراقبة المرأة والأمراء.
وبعد مناقشة قليلة بهذا الموضوع على هذا النحو، أذعن الغازي مصطفى لرأي عصمت باشا، وتلفن إلى حاكم ستمبول بالأوامر التي صاغها عصمت باشا.
ثم قال عصمت باشا: وأنا أتعهد الآن بمفاوضة أنصارنا في المجلس كل على حدة، حتى أخمر فكره. وهكذا أعد أذهانهم للمعركة الفاصلة في المجلس في جلسة واحدة، وثم نأخذ التقرير من المجلس بالتنفيذ وننفذ في الحال. •••
في اليوم التالي كان رجاء الدين أفندي الموظف في السفارة الروسية جالسا في حضرة دولة الغازي يبتسم. فبش له الغازي قائلا: أهلا وسهلا! هل لك مؤامرة ضدنا يا رجاء؟ - معاذ الله يا سيدي الباشا. أنا خادمكم المطيع. وإنما توجدونني أحيانا في مواقف حرجة تعرقل عملي. لقد قبضتم على امرأة روسية فأغضبتم الرفيق سعادة السفير. - هل تعني الدوقة مدموازال دلزل؟ - نعم الدوقة أو المدموازال دلزل. - إذا كانت دوقة روسية حقيقة أسلمها للسفير؛ لأن الدوقات ضد البلشفيك. - ليس هذا شغلك يا باشا، بل هو شغلنا. نحن نعرف أعداء البلشفيك أكثر من غيرنا. فسعادة السفير يرجو منك أن تأمر الآن بإطلاق سراحها حالا. - يالله! ليس هذا في وسعي؛ لأنها وجدت بؤرة مؤامرة ضد الجمهورية. فلا بد من التحقيق معها. إننا في حاجة إلى معلوماتها، فيجب أن تبقى في يدنا حتى نستخرج آخر معلوماتها.
فتجهم رجاء الدين، وقال كأنه ذو سلطان: كلا يا دولة الغازي. يجب أن يطلق سراحها في هذه الساعة لا بعد ساعة.
Bog aan la aqoon