فقال الضابط: وماذا تظن غرض مرسل هذا التلغراف من إنذار سمو البرنس؟ - لا أظن شيئا يا سيدي. ولا أعرف مدموازال دلزل إلا كما يعرفها كل من حضر رقصها وسمع غناءها.
ولما لم يستفيد الضابط والتلغرافي شيئا، ودعا البرنس والبك وخرجا.
الفصل التاسع
مؤامرة ضد مؤامرة
نعتذر للقارئ الكريم أننا لم نستطع أن نمكث معه كثيرا في ستمبول الجميلة، بل نرانا مضطرين أن نعود معه إلى أنقرة عاصمة تركيا الجديدة؛ وذلك لأن الحوادث المتشابكة المعقدة تأخذنا وتردنا كمكوك الناسج بين العاصمتين. وفي العاصمة الأولى القوة التقليدية المتقلقلة. وفي الثانية القوة الجديدة المستقوية. وكلتاهما تتجاذبان حوادث التطور.
كان عصمت باشا ومصطفى باشا كمال يتغديان معا في منزل مصطفى باشا؛ تذرعا للتحدث الشخصي فيما بينهما، فقال عصمت باشا: هل علمت أن فوزي باشا رئيس أركان الحرب لما كان في ستمبول زار الخليفة؟ - نعم، وكاظم قرة بكير باشا زاره أيضا. - كاظم لا يهمنا كثيرا يا مصطفى. وأما فوزي فلا نقدر أن نتسامح معه لمكانته في الجيش.
إن فوزي ينذعر إذا قلت له بإلغاء الخلافة؛ لأنه متدين، ويعتقد أن الخليفة شخص مقدس. - لذلك أرى أن نتخلص منه. - كيف نتخلص منه وقد كان كما تعلم يدنا اليمنى في حربنا مع اليونان، ولا يزال صديق الجمهورية إلا من حيث الخلافة. فلا نقدر أن نعزله بتاتا وكثيرون من الضباط محازبون له. - إذن ننقله من وظيفة عسكرية إلى وظيفة ملكية. - ما هو غبي حتى لا يفهم معنى هذا النقل. - إذن نفصل منصب أركان الحرب من الوزارة. - هذا هو الرأي المعقول أكثر من كل رأي؛ لأن رئاسة أركان الحرب ما كانت في أي نظام من أنظمة الدول ذات ضلع في الوزارة. وما جعلناها نحن هكذا إلا ترضية له لتمسكه بها. أما الآن فإذا فصلناها عن الوزارة رددنا الشيء إلى طبيعته. - يجب أيضا أن نمنع اشتغال الجنود في السياسة بتاتا.
فضحك عصمت وقال: يا سلام، الغرض مرض. الآن صرت تقول الجندي والسياسة لا يلتقيان، ونحن قمنا على التقائهما. وما قولك برءوف بك (كان رئيس الوزارة سابقا)؟ - رءوف أقل تدينا وتمسكا بالخلافة من فوزي، ولكن إذا أحرج يتمسك بها ويناضل لا لأجلها بل لأجل غرضه. - وكاظم قرة بكير باشا؟ - لا يهمنا كثيرا؛ لأنه لا يقدر أن يكون زعيم حزب. - نعود إذن إلى النواب لنرى من منهم تخشى معارضته؟ - لا خوف من معارضة أي نائب مهما كان قوي العارضة مادامت الأكثرية معنا. - ما قولك بعبد الله عزمي بك، نائب إسكي شهر.
فتململ عصمت وقال: هذا النائب قليل الذوق حقيقة؛ لأن أي نائب من إسكي شهر لا ينتظر أن يكون معارضا؛ لأن إسكي شهر مديونة للثورة بإنقاذها من فظائع اليونانيين. وما قولك؟ - ليس غير عزمي من يجعجع في المجلس، فلا تحسب حسابا لغيره. - حسنا، فلنر الآن على من نعتمد نحن بالأكثر؟ أعني أصحاب الأصوات العالية الذين يسكتون أصوات المعارضين . - عندك سيد باشا وزير الحقانية. - هذا دعه على جنب. فهو ركن قضيتنا وليس أحد غيره يخرس الشيخ مصطفى فوزي وزير الشريعة. - نسيت زكي بك نائب كموشخانة، فهو ممن يعارضون أحيانا. - نعم، يرفع صوته أحيانا، ولكنه جبان وأحيانا يتذبذب. ففي خطيرات المسائل لا يجسر أن يعارض. عندك من أصحاب الأصوات العالية رجب بك نائب كوتاهيه، وواصف بك نائب صاروحان، وشكري بك نائب أزمير، ومظهر مفيد بك نائب دنزلى.
فقال عصمت باشا: ولا تنس محمد أمين بك شاعر الطورانية.
Bog aan la aqoon