ثم ذكر المحاضر أمثلة أخرى كثيرة وختم محاضرته بقوله: «فإذا أردت مثل العقوق ومثل الوفاء فأمامك حكاية «أبي صير وأبي قير» وهي في ألف ليلة، وإذا أردت مثل القضاء والقدر؛ فأمامك حكاية «الملك عجيب» وهي في ألف ليلة أيضا.
وإذا أردت مثلا على أن لكل مقام مقالا فاقرأ حكاية العم «عمارة» وهي مشهورة لا حاجة بنا لذكرها.» •••
وجماع القول أن القصص وضرب الأمثلة محببان إلى نفوس الكبار والصغار معا، وهما من خير الوسائل التي يلجأ إليها الخطيب لتقرير فكرة أو تعزيز مبدأ في أذهان سامعيه.
هوامش
الوعظ الكاذب
أيها السادة:
قال لي ولدي مصطفى - ذات يوم - وعلى وجهه أمارات الدهشة والعجب: «إنك توصيني يا أبي بالصدق!» قلت: «نعم!» قال: «تنهاني عن الكذب!» قلت: «نعم.» قال: «كذلك تقول المعلمة!» قلت: «حسن، فماذا حدث؟»
قال: «حدث أن معلمتي- التي توصيني بالصدق وتمدحه لي وتنهاني عن الكذب وتبغضني فيه - قد كذبت!» قلت: «وكيف كذبت يا مصطفى؟» قال: «إنها ضربتني فشكوتها إليك، فلما سألتها أنكرت!» فماذا ترون أيها السادة؟
إذا كان هذا الطفل - وهو لم يعد السادسة من سني حياته - قد فطن إلى التناقض بين قول المدرسة وفعلها، وأدرك أنها تأمر بما لا تأتمر به، أترونني قد بالغت إذا قلت: إن أذهان العامة لن تكون أقل من ذهن هذا الطفل إدراكا وفهما لما يقع من التناقض بين أقوال وعاظهم ومرشديهم وأفعالهم؟
الحق أن العامة - مهما بلغ بهم الجهل - لن يكونوا أقل انتقادا لوعاظهم من الأطفال.
Bog aan la aqoon