ولم تخبريني، يا جهين سوى الظن
فإن تعهديني لا أزال مسائلا
فإني لم أعط الصحيح، فأستغني
وهكذا ظل أمر البعث، والنشور، والجنة، والنار من أكبر شواغل هذا العقل الممحص الكبير، فاكتظت كتاباته وأشعاره بالإشارة إلى ذلك، ولم تكد تمر به فرصة دون أن يشير إليه إشارة قريبة أو بعيدة، واضحة أو خفية، هازئة أو جادة، ساخرة أو مقررة.
16
ولم يكن يرى حلا لهذه المشكلة المستعصية الحل، إلا وسيلة واحدة مستحيلة التحقيق، بعيدة الحدوث، ولكنها أمنية - على كل حال - من الأماني التي لا بأس من تحدث النفس بها - وإن كانت جد واثقة من قلة غنائها - تلك الوسيلة هي استفسار من ماتوا عما لقوه من عذاب أو نعيم - في عالمهم الثاني - ليضع بذلك آخر حد لتضارب الآراء وتناقض الأخبار في هذه المشكلة المستحيلة الحل، ثم لجأ إلى الأماني - وإن لم تسعفه الأماني - فود لو يتاح له الظفر بسؤال أحد الهالكين واستفساره عما لقيه - بعد الموت - لتنتهي بإجابته شكوكه وحيرته انتهاء حاسما، فقال:
لو جاء من أهل البلى مخبر
سألت عن قوم وأرخت
هل فاز بالجنة عمالها؟
وهل ثوى في النار نوبخت؟
Bog aan la aqoon