لو لم يكن في نهاية الطريق في كلية الحقوق لكان فكر أن يكتفي، ولكن لم ير بأسا من أن يكمل دراسته، وانتهز الفرصة من هذه الأشهر التي كانت تفصل بين الثروة المفاجئة التي هبطت عليه، وبين الامتحان ليعد الخطة التي يريد أن يختطها. في أناة وروية أعد خطته وبغير أي تسرع، ونجح بهجت في الامتحان. - هل تصرين أن أكون وكيل نيابة؟ - هذا شيء أحبه لك، ولكن أنت في ذلك حر؛ فما دمت قد نلت الليسانس فأنت ... - إذن فاسمعي ما أقوله لك جيدا ولا تغضبي. - قل. - المال الذي تركه لي عمي. - ما له؟ - أولا أنا سأصفي التجارة. - ولماذا؟ - أتريدين أن أصبح مثل أبي؟ - وكيف؟ - لو تاجرت فسأصبح مثله كما تعرفين؛ لا أدري من شأن الموز شيئا إلا أنه فاكهة يأكلها الناس بعد أن يقشروها، وتقول الأمهات لأولادهن لا ترموا القشر في الطريق، حتى لا يتسبب في وقوع الناس، وإلى هنا وتنتهي معلوماتي عن الموز. - هذا عن التجارة، فماذا عن الزراعة؟ - إن عرفت عن الموز جملة، فأنا لا أعرف في الزراعة حرفا. - فستبيع الأرض إذن؟ - لا، وصلت إلى طريق. - ما هو؟ - سأؤجر الأرض إلى خبراء، وقد سألت فعرفت القيمة المناسبة، ولن أكون مظلوما في الإيجار. - تفكير لا بأس به. - وعلى هذا فرأس المال سيبقى ولن يمسه أحد، حتى ولو انتحرت؛ فلا شك أنني سأتزوج، ولا أحب لزوجتي أن تعاني ما عانيت أنت معي. - عين العقل. - وأيضا سأعتبر ما أحصل عليه من تصفية التجارة من ضمن رأس المال، وسأشتري به أسهما باسمك حتى لا أمسها. - أنا لا أريد شيئا. - أنا الذي يريد أن يكبل نفسه. - وهو كذلك. - المال السائل بعد ذلك أنا حر فيه. - وماذا ستفعل؟ - هذا شأني؟ - ألا تقول لي؟ - ستعرفين.
وعرفت. كانت آمال المتعة ما زالت تداعب نفسه، ولكن الأمل في أن يكون ممثلا كان أكبر. ليس من السهل أن ينشئ مسرحا؛ فهو يعلم أن أحدا لم يسمع به، وأن أحدا لن يرى مسرحه، وستكون التجربة غير مقنعة بالنسبة إليه.
فهو يريد أن يعرف رأي الناس، ولن يأتي هؤلاء الناس للمسرح أبدا ما دام هو منشئه.
كان قد أعد الخطة: سيعتمد في أول الأمر على مشاهير الممثلين، وسيمثل إلى جانبهم الروايات العالمية؛ إنه يريد أن يمثل عطيل ويسأل ديدمونة عن المنديل.
وفيدرا.
وأوديب الملك، ويخرج عينيه ويصبح أعمى.
وصلاح الدين، ويحارب.
وأنطونيو وكليوباترا ويحب ويخون بلاده ثم يموت في سبيلها.
أهل الكهف لتوفيق الحكيم.
وكل الأدوار.
Bog aan la aqoon