تمهيد
يعد الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته الحسنى، كما وردت في الكتاب والسنة، من غير تمثيل، ولا تعطيل، ولا تحريف، ولا تكييف، من أهم الأصول التي ينبنى عليها معتقد أهل السنة والجماعة، فيما يجب في حق الله ﷿.
فالإيمان بها يقتضى الإثبات، وهذا الإثبات لا بد فيه من التزام عدم الخروج عن مراد الرب تعالى فيما أثبته لنفسه من الصفات الحسنى، كما أنه يقتضى التنزيه الواجب في حق الباري تعالى الذي عز عن المثيل والنظير، يقول الإمام الشنقيطى ﵀ في بيان أسس الإيمان بأسماء المولى جل وعلا: أحد هذه الأسس: - هو تنزيه الله جل وعلا على أن يشبه بشيء من صفاته شيئًا من صفات المخلوقين، وهذا الأصل يدل عليه قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١].
- الثاني من هذه الأسس هو الإيمان بما وصف الله به نفسه؛ لأنه لا يصف الله أعلم بالله من الله: ﴿أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ﴾ [البقرة: ١٤٠].
والإيمان بما وصف به رسول الله ﷺ الذي قال في حقه: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٣، ٤].
فيلزم كل مكلف أن يؤمن بما وصف الله تعالى به نفسه، أو وصفه به رسول الله ﷺ، وينزه ربه تعالى عن أن تشبه صفته صفة المخلوقين" (١).
ومن هنا فإنه يجدر بيان كل ما يقدح بأصلى الإثبات والتنزيه اللذين يقتضيهما الإيمان بأسمائه وصفاته: فالذى يقدح في التنزيه هو التمثيل والتكييف، والذي يقدح في الإثبات هو التعطيل والتحريف، وبيانها كالتالى:
(١) وكان الأولى أن يوصف بالضلال لأن المجنون قد رفع عنه القلم فلا يعلق به تكليف يقتضى المنع أو الجواز: الأسماء والصفات: ٧.