Fiktooriya
فكتوريا: ملكة الإنجليز وإمبراطورة الهند
Noocyada
هو من بيت اسكتلندي قديم عريق في المجد، ولد بمدينة لندن سنة 1847، وأبوه لورد دلمني وأمه ابنة أرل ستنهوب الرابع وأخت أرل ستنهوب الخامس المعروف بلورد ماهون، توفي أبوه سنة 1851 فتزوجت أمه بدوق كلفلند وهي المعروفة الآن بدوقة كلفلند المشهورة بمؤلفاتها التاريخية.
درس في مدرسة أكسفرد الجامعة حيث درس غلادستون، واشتهر بالاعتدال من حداثته، وحسب بين رجال السياسة قبل أن يناهز الرابعة والعشرين من عمره، حتى إنه لما خطب خطبته الأولى اعترف له زعيم الحزب المضاد لحزبه بالمقدرة وقوة المعارضة.
وجعل وزيرا للخارجية في وزارة غلادستون التي تألفت سنة 1885، ولم تعش إلا بضعة أشهر ثم عاد إلى وزارة الخارجية سنة 1892 فاقتفى فيها خطوات سلفه لورد سلسبري كما يعلم سكان هذا القطر، وخلف غلادستون في رئاسة الوزارة - كما سيجيء - وهو في السابعة والأربعين من عمره، وبقي فيها إلى أن انحلت وزارته بسبب مسألة طفيفة وأعيدت الانتخابات ففاز المحافظون وصارت الوزارة منهم إلى الآن.
وتزوج لورد روزبري بابنة البارون مايرده رشيلد، وهي وريثة أبيها الوحيدة، وتوفيت سنة 1890 بعد أن أقامت معه اثنتي عشرة سنة، وكتب تاريخ الوزير بت الشهير وأتمه سنة 1891 بعد وفاة زوجته فقال في مقدمته «ألفت هذا الكتاب الصغير والعوائق كثيرة، وما غرضي منه سوى تقرير الحقائق، ولقد كان غاية مناي أن أتمه وأهديه إلى زوجتي، أما الآن فإني أجعله تذكارا لها.» وقد أظهر في هذا الكتاب تضلعه من السياسة كما أظهر امتلاكه ناصية الإنشاء.
غلادستون
هو وليم أورت غلادستون، ولد بلفربول في 29 سبتمبر سنة 1809 ودرس في مدرسة أكسفرد الجامعة، وقد رأينا تمثاله فيها يباهي به أساتذتها كما يباهون بجميع العظماء الذين تلقوا الدروس فيها، واشتهر وهو في المدرسة بقوة العارضة في الخطابة، وكان يكره المتطرفين في السياسة ويقول قول المحافظين، فتوسم المحافظون فيه سمات الخبر، وقالوا إنه سيكون من زعمائهم ولا سيما لأن ظل سلطتهم كان قد تقلص في ذلك الحين، وخيف من نزع مقاليد السياسة من الأمراء والوجهاء وإعطائها لعامة الشعب.
وترشح لعضوية مجلس النواب فانتخب عضوا من المحافظين سنة 1832، وأول خطبة ألقاها كانت دفاعا عن أبيه في معاملة العبيد، فإنه كان ذا أملاك واسعة في الهند الغربية، واتهم بامتهان العبيد الذين فيها، فدافع عنه دفاعا مفحما اختلب الألباب ببلاغته وحسن بيانه، وجاهر حينئذ بكراهة الرق وبوجوب تحرير الأرقاء، ولكنه عارض الإسراع في تحريرهم كلهم دفعة واحدة لما في ذلك من الضرر عليهم وعلى أسيادهم فأعجب السامعون بفصاحته، والظاهر أن كبار رجال النقد وأصحاب الحل والعقد رأوا من ذلك الحين جوهره وأنبئوا بما سوف يكون منه، فلقبه كبيرهم ماكولي برجاء المحافظين.
ولما أدليت الوزارة إلى السر روبرت بيل في آخر سنة 1834 عين غلادستون في نظارة المالية، وبعد شهرين عينه وكيلا لوزارة المستعمرات، وتقلبت الشئون السياسية حينئذ بسبب موت الملك وتنصيب الملكة فكتوريا وإعادة انتخاب مجلس النواب، فلم يعين له منصب سياسي حتى سنة 1841 فأقيم نائبا لرئيس ديوان التجارة، ورئيسا لدار الضرابة ثم رئيسا لديوان التجارة ثم وزيرا للمستعمرات، ولكنه اضطر أن يستعفي من النيابة عن البلاد التي كانت تنيبه عنها؛ لأنه رأى مذهبه السياسي لا ينطبق على مذهب الأمير الذي له الشأن الأكبر في تلك البلاد فانتخبته مدرسة أكسفرد الجامعة نائبا عنها.
وامتاز من ذلك الحين على أكثر رجال السياسة بالشهامة والشفقة على المظلومين إلى حد ينسى معه غرضه السياسي، وزار نابلي سنة 1850 ورأى سجونها والفظائع التي تجري فيها فوصفها وصفا اهتزت له أوروبا كلها فطبقت شهرته آفاقها.
وفي تلك السنة مات السر روبرت بيل ففقد به صديقا صدوقا ومرشدا أمينا لكن موته لم يضر به، بل كشف فضائله أمام الجمهور فعدته البلاد زعيما من أعظم الزعماء في مجلس نوابها، وأول خطبة أطارت شهرته في البلاد كانت ردا على دزريلي (لورد بيكنسفيلد)، فإن دزريلي يئس مرة من بقاء وزارته - وهو من الرجال الذين ينهض اليأس همتهم ويقوي عزيمتهم - فخطب في مجلس النواب خطبة اختلبت الألباب ببلاغتها ومزقت الخصوم بأدلتها ونكتها، ولم يكد يجلس في كرسيه حتى انبرى له غلادستون وقاوم الحجة بالحجة والدليل بالدليل، واستخرج الدر من بحار الفصاحة، واستنزل السحر من سماء البيان حتى لم يبق في النفوس أثرا لخطبة دزريلي، ومن تلك الساعة عد خطيبا من أبلغ الخطباء الذين نبغوا في البلاد الإنكليزية، وابتدأ حينئذ النضال بين هذين البطلين المجربين دزريلي وغلادستون ودام أربعا وعشرين سنة بلا انقطاع، وكان غلادستون قد عدل عن آراء المحافظين واعتنق مبادئ الأحرار، فعين وزيرا للمالية في وزارة اللورد بامرتسون، ولما قدم الميزانية للمجلس خطب فيه خطبة طويلة جدا دامت ساعات كثيرة، ولكن الحضور سمعوا كل كلمة منها بلهفة كأنهم يسمعون غناء أطرب المغنين. ويقال إن هذه الخطبة تستحق أن تحفظ في دواوين الإنشاء والسياسة كما تحفظ صور أشهر المصورين في متاحف الفنون.
Bog aan la aqoon