Dhaqanka Aasaasiga ah ee Umam: Hierarkiyadda iyo Jamhuuriyadda
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Noocyada
كان المثال البديل الذي تبناه غير المنتمين إلى النخب يقوم على خرافة اصطفاء اليونانيين الأرثوذكس، وهذه نسخة من فكرة الشعب المختار الشائعة. بالطبع، كانت المسيحية الأرثوذكسية دينا عالميا، ومجتمعها ومملكتها لا ينتميان في نهاية المطاف إلى هذا العالم. رغم ذلك، كما رأينا، فإن الكنيسة الأرثوذكسية، في شكلها البشري والدنيوي، رأت نفسها الإيمان المسيحي الحق الوحيد، ومن ثم، الخليفة الحقيقي لإسرائيل القديمة؛ ذلك الشعب المختار الأصلي الذي نبذه الرب عندما رفض المسيح. إلا أن هذا الدين العالمي ازداد ارتباطا بخصوصية ثقافية يونانية، شجعتها حقيقة أن لغة العهد الجديد كانت اليونانية، وأن لغة المناسك والطقوس الأرثوذكسية كانت يونانية، وأن كهنة الكنيسة كانوا يتحدثون باليونانية. كانت هذه العملية موجودة بالفعل خلال القرون الأخيرة من الإمبراطورية البيزنطية، عندما أدى الإحياء الهيليني بين النخب البيزنطية - ممتزجا بكراهية الرهبان الشديدة للكنيسة اللاتينية، وخسارة الأراضي غير اليونانية النائية - إلى انشقاق ثقافي يوناني قوي عن الإمبراطورية والكنيسة. وبعد كارثة عام 1453، أصبحت «الملة الرومية» الأرثوذكسية اليونانية، التي سماها الحكام العثمانيون ووضعوها تحت الإدارة الكهنوتية والمدنية لبطريرك القسطنطينية، مشبعة بالإحساس بالاختلاف والهوية المسيحية الأرثوذكسية، لكن باعتبارهم «روميين» (رومانا شرقيين)، في مقابل كل من الهيلينيين القدماء والفرنجة اللاتينيين. وتعززت هويتهم بالذكريات المشتركة المتعلقة بالماضي البيزنطي المجيد، حينما كان شعب الله المختار يعيشون في مملكته في ظل نائبه على الأرض؛ الإمبراطور البيزنطي. كما استمرت في التجدد من خلال تقليد رؤيوي قائم على نبوءة تتصور انبعاث الإمبراطور البيزنطي الأخير، قسطنطين الحادي عشر، واستعادة إمبراطوريته بعد اكتمال مدة عقاب الرب شعبه على خطاياهم، وطرد الكفار من المدينة المقدسة.
3
هذه الرؤية، على النقيض الصارخ من المثال الجمهوري الهيليني، جمعت بين تقليد عهدي وتصور هرمي قوي للمجتمع الأرثوذكسي اليوناني. من الناحية الظاهرية، فإن هذا المصير البديل المعد للمجتمع اليوناني، والمتأثر قليلا، أو غير المتأثر على الإطلاق، بالحداثة الغربية التي تدعمها النخبة المتحدثة باليونانية، لم يكن من المحتمل أن يؤثر على مصير المملكة اليونانية الحديثة التكوين، فضلا عن تشكيل مصيرها؛ ففي نهاية الأمر، أصرت القوى الغربية على تأثير أوروبي قوي متمثل في الوصاية، متضمنا فصل الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في الأراضي اليونانية عن البطريركية الموجودة في القسطنطينية الخاضعة لسيطرة العثمانيين، وحل كثير من أديرتها، وتبعية تراتبيتها الهرمية للدولة اليونانية. إلا أنه سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن الكنيسة كفت بهذه الطريقة عن ممارسة أي نوع من النفوذ؛ فعلى غرار الكنيسة الجاليكانية في فرنسا، أصبحت الكنيسة مؤسسة يونانية قومية على نحو متزايد، واعترفت بها هكذا في نهاية المطاف بطريركية أصبحت تقبل أخيرا «تنظيم الكنائس على أساس عرقي»، أي تقسيم الكنيسة العالمية إلى كنائس عرقية وقومية، مثل تلك التي كانت (أو ظلت) مؤسسة في بعض الدول الناشئة في جزر البلقان مثل صربيا وبلغاريا.
4
في اليونان، لم تحافظ الكنيسة فقط على احتكارها الديني داخل ما كان يعترف بأنه مجتمع سكاني شبه متجانس، بل أصبح نموذجها «البيزنطي»، إن لم تكن دعائمها التراتبية الهرمية، ابتداء من عام 1844، بعد خطاب كوليتيس في الجمعية الوطنية، أكثر توافقا مع اللغة والأهداف المتضمنين في السياسة اليونانية المتمثلة في «فكرة ميغالي»؛ تلك الأيديولوجية الاسترجاعية الهادفة إلى استرداد أراضي الأرثوذكسية اليونانية ومجتمعاتها السكانية المتناثرة عبر بحر إيجة، وشمال اليونان، وما يعرف حاليا بغرب تركيا. وفي هذه الحالة، كان من المفترض أن تتوسع المملكة الصغيرة التي كونتها القوى العظمى من جزء من الأرض اليونانية، لتشمل جزر الدوديكانيز، وثيساليا، وإبيروس، وكريت، وتراقيا، وغيرها من المناطق التاريخية التي كانت غالبية سكانها من أتباع المذهب الأرثوذكسي اليوناني الناطقين باليونانية. وهذا يعني أنه، بدلا من الأيديولوجية العلمانية الصرف لأمة المواطنين الإقليمية، أصبحت المعايير الدينية واللغوية العرقية هي ما يحدد الأمة اليونانية ومواطنيها، وهي معايير أدت على نحو شبه حتمي إلى إعادة تفسير التاريخ اليوناني، وإلى حركة وبرنامج سياسيين راديكاليين.
البرنامج السياسي معروف جيدا: أسفرت «فكرة ميغالي» عن المحاولة الكارثية التي جرت عام 1922 لتسترجع من الإمبراطورية العثمانية شبه المنقرضة المجتمعات السكانية الناطقة باليونانية والأرثوذكسية في الأناضول، والأراضي التي سكنوها، ورأى القوميون العرقيون اليونانيون أنها تضم سلالات المستعمرات الأيونية القديمة وأراضيها في آسيا الصغرى. إلا أن إعادة التفسير التاريخية كانت على القدر نفسه من الأهمية. لم تستتبع رفضا محضا للرؤية الهيلينية، ولكنها حاولت دمج العالم القديم الكلاسيكي والإمبراطورية البيزنطية في سرد واحد متماسك عن «الأمة اليونانية» منذ عصر المسينيين وحتى اليونان الحديثة. وقدر لكل من عالم الفلكلور، سبريديون زامبليوس، الذي نشر عام 1852 مجموعته من الأغاني الفلكلورية مصحوبة بمقدمة مطولة، وكذلك المؤرخ، كونستانتينوس باباريجوبولوس، في كتابه «تاريخ الأمة اليونانية» (1860-1877) المكون من خمسة مجلدات؛ أن يقدما تفسيرا ركز على الأمة اليونانية باعتبارها الفاعل الجمعي الأساسي في كل الحقب الرئيسية الثلاث المكونة لسرد واحد للتاريخ اليوناني: القديمة، والقروسطية، والحديثة. وباستخدام تعبيرات شخصية مثل «إمبراطوريتنا في العصور الوسطى»، و«أسلافنا في العصور الوسطى»، تمكن باباريجوبولوس، بصفة خاصة، من إعادة دمج الإرث البيزنطي وتراثه ووعده المجيدين في رؤيته للأمة اليونانية ومصيرها الألفي. وفعل ذلك بإعطاء معان سياسية جديدة للمناسك والطقوس الأرثوذكسية ذات الأسس الراسخة، وما يرتبط بها من ذكريات مشتركة عن الأباطرة المسيحيين والمدينة المقدسة - شعر كثير من الناس أن استرجاعها إن لم يسفر عن إعادة الإمبراطورية البيزنطية الأرثوذكسية، فسيسفر، على الأقل، عن إرجاع اليونان إلى سموها الثقافي والسياسي السابق. من الناحية العملية، حاول هذا النوع من إعادة التفسيرات تحقيق المثال المسيحي القديم بشأن «عالم مسكون» أرثوذكسي، لكنه مجرد من المجتمعات والأراضي غير اليونانية (الصرب، والألبان، والبلغار، إلخ)، داخل سياق مملكة يونانية حديثة موسعة، سعت إلى جمع كل المجتمعات السكانية الأرثوذكسية الناطقة باليونانية «غير المسترجعة» ومناطق إقامتهم.
5 (1) الانشقاق وإعادة التفسير
تقدم لنا الحالة اليونانية مثالا مختصرا لعدد من الموضوعات العامة المعنية بتكوين الأمم المعاصرة.
أولا: لم تمح الأمة الجمهورية وقوميتها، على الرغم من قابليتهما للتأثر بالطابع الغربي والحداثة، أشكال المجتمع التاريخية الأخرى. على النقيض من ذلك، ووجهت القومية الجمهورية المدنية بتحديات على نحو متكرر، وأجبرت على قبول التصورات والتقاليد التاريخية الأخرى الأسبق. وحتى في «موطن» الجمهورية والقومية، اضطرت فرنسا إلى النضال من أجل الحفاظ على سلطتها، وفرض شكلها المميز على الأمة كلها، ليس فقط عام 1848 وعام 1871، وأثناء قضية درايفوس، ولكن أثناء القرن العشرين كذلك، منذ حكومة فيشي وحتى حركة لوبن. داخل الأمم، وكذلك فيما بينها، عادت الأشكال العهدية والهرمية من الهويات القومية إلى الظهور على نحو متكرر في صورة تباديل معقدة مناهضة للأشكال الجمهورية أو متوافقة معها.
6
Bog aan la aqoon