Dhaqanka Aasaasiga ah ee Umam: Hierarkiyadda iyo Jamhuuriyadda
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Noocyada
34
وعلى النحو نفسه اتبعت غالبية النخبة المثقفة اليونانية، وكذلك كثير من التجار والمهنيين اليونانيين، إيوسيبوس مويسيوداكس وأدامانتيوس كورائيس رغبة في جمهورية قومية علمانية لليونان المجددة التي تستحق أسلافها القدامى، والتي شبهت كثيرا بأثينا القديمة وديمقراطيتها؛ ومن ثم، كانت الرغبة في لغة يونانية نقية مجردة من الإضافات الأجنبية، والعودة إلى التعليم العلماني المعتمد على الكلاسيكيات القديمة، من أجل تأهيل اليونانيين المعاصرين للمشاركة السياسية في جمهورية ديمقراطية واستعادة اليونان لموقعها الثقافي الريادي. لقد كان أملا بدا من الممكن تحقيقه من خلال مواطنة الدولة الهيلينية الصغيرة التي كونتها القوى العظمى عام 1832، على الرغم من مكانتها السابقة كمملكة دستورية؛ لأن نخبتها كانت ملتزمة بمثل التنوير المتمثلة في العقل والحرية وحكم القانون، وببرنامج تعليم يوناني علماني.
35
لم يكن التأثير الجمهوري مقتصرا على أوروبا؛ فبعد قرن في تركيا المجاورة ظهرت مجددا وبشدة الروح الجمهورية في الدستور العلماني والسياسات العلمانية اللذين اقترحهما مصطفى كمال أتاتورك في عشرينيات القرن العشرين. وبالإضافة إلى إلغاء كل من السلطنة والخلافة، فرضت حكومة أتاتورك برنامجا للتحديث متوافقا كثيرا مع الحضارة الغربية التي كانت فرنسا الجمهورية تعتبر المثال الريادي فيها. وكان ضياء جوكالب المنظر الرئيسي للنظام متأثرا كثيرا بالفلسفة الوضعية لأوجست كونت والعلمانية الراديكالية المرتبطة بها. وكان التعليم يعتبر مفتاحا لكل من المواطنة والمجتمع القومي المتماسك القادر على أن ينافس على قدم المساواة القوى الغربية الرائدة. وكانت المبادئ الجمهورية قوية بصفة خاصة بين العسكريين المهنيين الذين ظلوا حراسا للقومية العلمانية الراديكالية وللدولة حتى اليوم الحاضر، وظلوا يشتبهون في أي تعاليم إسلامية بين الأحزاب السياسية. واتبعوا بدقة المثال الفرنسي، على الرغم من الوضع الاجتماعي والثقافي المختلف، واضعين الدولة فوق المجتمع واختلافاته الدينية والعرقية، وأثبتوا في ذلك نجاحا كبيرا حتى وقتنا الحاضر، ربما بسبب غياب التقليد الثوري، وأيضا بسبب القيود الدولية المساهمة.
36
أخيرا، كان التأثير الفرنسي، لا سيما نموذجه الجمهوري العلماني، متغلغلا في كثير من الدول الناطقة بالفرنسية الموجودة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ولا شك أن هذا حفزه إلى حد بعيد الاستعمار الفرنسي والتقاليد الثقافية لنخبته. إلا أنه أثناء عصر الحركات القومية النخبوية الساعية إلى الاستقلال، كانت خطابات الرجال أمثال سيكو توري وليوبولد سنجور، وشعارات وأهداف الحركات السياسية في المستعمرات الفرنسية، تعج بمثل روسو واليعاقبة المتمثلة في العقد الاجتماعي والحرية والديمقراطية والمساواة والمواطنة. مرة أخرى، ارتبطت تلك المثل ببرنامج تعليمي (رغم أنه كان للنخبة فقط عادة)، وكان تعليما علمانيا وإنسانيا على الرغم من التأثير القوي للبعثات المسيحية في هذا المجال. علاوة على ذلك، فإن الحاجة إلى تأسيس «الأمة المزمعة» على الأرض التي كانت مستعمرة في السابق، والتغلب على الانقسامات العرقية العميقة في الدول الجديدة؛ جعلت القومية الجمهورية العلمانية الأساس الأيديولوجي الوحيد الممكن والواقعي للدول الأفريقية الجديدة، وجعلت الأمة الجمهورية المدنية النموذج الوحيد الشمولي والمشروع للمجتمع السياسي الحديث. وعلى الرغم من أن الوعي العرقي والوحدة الأفريقية (وأيديولوجية الزنوجة في بعض الأراضي الفرنسية) مثلا عوامل جذب، فإن أشكال التضامن القومي والمثل السياسية السائدة في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى الجديدة اقتبست في الأساس من تقاليد روسو والثورة الفرنسية التي روجتها الجمهورية الثالثة (أو اقتبست من لوك وميل في المستعمرات البريطانية)، وخضعت للتعديل مع مرور الوقت بتأثير من الرموز والطقوس والمعتقدات الأفريقية.
37
خاتمة
اخترقت الأمة الجمهورية المدنية - بوصفها نموذجا للمجتمع السياسي الحديث - معظم أنحاء الكوكب، وأصبح نموذج القومية العلمانية مرجعا تقريبا - لكل من المجتمعات القومية ودولها ولكثير من منظري الأمم والقومية. ومن وجهة نظر المشاركين، فإن السبب في ذلك لا يقتصر على قوة الأمة الجمهورية المدنية وأفكارها وممارساتها وارتباطها بالمجتمعات الحديثة، لكنه يعود أيضا إلى قوة صفتها الدينية وجاذبيتها العاطفية. وكما أوضحت في الفصل الرابع، فإن التراث الجمهوري المدني للعالم اليوناني الروماني جمع بين البعد العلماني والبعد الديني في «الدولة المدينة» القديمة، وهما البعدان المتمثلان في العقد المبرم من قبل البشر ولأجلهم، والمحروس والمقدس من قبل الآلهة، والمحتفى به في الأساطير المدنية والطقوس والمهرجانات؛ تلك الثنائية الواضحة أيضا في نظائرها الإيطالية والشمالية في العصور الوسطى. حدث إحياء التراث القديم على نحو متعمد إلى حد ما، على يد «الفلاسفة» أثناء بحثهم عن نماذج لمجتمع غير هرمي وللتضامن العلماني. وتبنوا هم وأتباعهم في فرنسا وغيرها من الدول دينا علمانيا يقوم على التقدم البشري والحرية والفضيلة وإعمال العقل، ذلك الدين الذي تمثل مظهره السياسي الطبيعي في الجمهورية الحرة التي تضم مواطنين متساوين تربطهم المثل المشتركة وتقاليد الولاء بالأمة صاحبة السيادة؛ وهذا بدوره تطلب من أعضاء الأمة خلق ثقافة قومية مشتركة ومميزة، وتأسيس «دين مدني» للوطنية يتكون من المعتقدات والممارسات المشتركة، مع التعبير عن الرموز السياسية والذكريات والأساطير والقيم من خلال التماثيل التذكارية، والأدب، والموسيقى الوطنية، وفوق ذلك كله من خلال المهرجانات والمراسم العامة. في هذه المظاهر السياسية والثقافية والمؤسسية القوية، يكمن السبب وراء القدر الكبير من الجاذبية والاستمرارية اللتين تتمتع بهما الأمة الجمهورية وقوميتها العلمانية والإقليمية.
38
Bog aan la aqoon